[7] فأما لم ليس يدرك البصر المبصر إلا إذا كان حجمه مقتدرا فلأنه قد تبين أن صورة المبصر إنما تصل إلى البصر من المخروط الذي رأسه مركز البصر وقاعدته سطح المبصر، وأن هذا المخروط يفصل من سطح العضو الحاس جزءا صغيرا فيه تترتب صورة المبصر ومنه يحس الحاس بالبصر. فإذا كان المبصر في غاية الصغر كان المخروط الذي بينه وبين مركز البصر في غاية الدقة، فيكون الجرء الذي يفصله من سطح الحاس في غاية الصغر، فيكون بمنزلة النقطة التي لا قدر لها. والحاس إنما يحس بالصورة في سطحه إذا كان الجزء من سطحه الذي تحصل فيه الصورة له قدر محسوسس عند جملته. وقوى الحواس متناهية، فإذا كان الجرء من العضو الحاس الذي تحصل فيه الصورة ليس له قدر محسوس عند جملة العضو الحاس لم يحس الحاس بالأثر الذي يحصل في ذلك الجزء لصغره. وإذا لم يحس بالأثر لم يدرك الصورة. فالمبصر الذي يصح أن يدركه البصر هو الذي يكون المخروط الذي يتشكل بينه وبين مركز البصر يفصل من سطح الجليدية جزءا له قدر محسوس بالإضافة إلى جملة سطح الجليدية. وهذا الإحساس يكون إلى الحد الذي تنتهي إليه قوة الحس، لا إلى ما لا نهاية. ويختلف أيضا هذا الإحساس في الأبصار بحسب اختلاف قوى الأبصار، لأن بعض الأبصار يكون أقوى من بعض. وإذا كان المخروط الذي يتشكل بين المبصر وبين مركز البصر يفصل من سطح الجليدية جزءا ليس له قدر محسوس بالإضافة إلى جملة سطح الجليدية فليس يصح أن يدرك البصر ذلك المبصر. فلذلك ليس يدرك البصر المبصر الذي هو في غاية الصغر ولا يدرك إلا ما كان حجمه مقتدرا.
[8] فأما لم ليس يدرك البصر المبصر إلا إذا كان الجسم المتوسط بينه وبين البصر مشفا فلأن الإبصار إنما يكون من الصورة التي ترد من المبصر إلى البصر، وليس تمتد الصورة إلا في الأجسام المشفة ولا تقبلها وتؤديها إلا الأجسام المشفة، وليس يتم الإبصار إلا إذا كان المبصر مع البصر في هواء واحد وكان إدراكه له لا بالانعكاس إلا إذا كان الهواء متصلا بين البصر والمبصر ولم يقطع السموت المستقيمة التي بينهما جسم كثيف، لأن الصورة ليس تمتد في الهواء المشف المتشابه الشفيف إلا على خطوط مستقيمة. فلذلك صار البصر لا يدرك المبصر الذي هومعه في هواء واحد وفي الجهة المقابلة للبصر إلا إذا كان الهواء الذي بينهما مشفا متشابه الشفيف متصلا، ولم يقطع السموت المستقيمة التي بينه وبين البصر جسم كثيف
مخ ۱۹۳