احب إلينا ولا ارضى عندنا منكم ، ولكنا نشفق فيما بعد هذا اليوم ونحذر ان يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم (1) الى آخر ما ذكر ، فهذه الأخبار وغيرها من احاديثهم ناصة على ان غرض المسارعين الى عقد الامامة ليس ما ذكره المحتج من اداء الواجب الذي هو تعيين الإمام ، وانما كان غرضهم ما ذكرناه عنهم من الأمور الدنيوية ، وتنطق بأن الثلاثة الذين حضروا مع الأنصار من المهاجرين كان مطلبهم الا يلي الأمر غيرهم وليسوا قاصدين امرا وراء هذا من الأمور الراجعة الى الدين فقط كما قال ، وأيضا لو كان غرض من سارع الى عقد الامامة امرا دينيا لم يكن لإعراضهم عن المجلس الذي اجتمع فيه الناس لتجهيز الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجه إذ جلوسهم في ذلك المجلس لم يكن مانعا لهم من اجالة الرأي وادارة المشورة فيما بينهم في تعيين الامام وعقد البيعة له هناك على برد ورضا فتركهم ذلك المجلس ومخاصمتهم في السقيفة وما جرى لهم من النزاع فيها المؤدى الى قول عمر : اقتلوا سعدا قتله الله وقول الحباب بن المنذر : ان شئتم لنعيدنها جذعة (2) وقوله : والله لا يرد على احد ما اقول الا حطمت انفه وغير ذلك من الأقوال الغليظة المذكورة في الأحاديث التي نقلنا منها ما تقدم وغيرها دليل على ان القوم قصد كل منهم المغالبة والاستبداد بالأمر وانهم سارعوا إليه قبل ان يعقد لغيرهم فيفوتهم ما طلبوا من الرئاسة لأداء ما وجب عليهم من تعيين من يصلح للامامة وكل هذا ظاهر لمن نظر في الأخبار نظر متأمل ، فاذا كان أغراض القوم هي ما عرفت من المطالب النفسية والشهوات الدنيوية كيف يكون فعلهم اصلا يبني عليه القواعد الشرعية ، وحجة يعتمد عليها في الأصول الدينية؟ هذا بعيد من التحقيق وناء عن نظر أهل النظر بواد سحيق.
مخ ۴۲