208

Manar Al-Qari Commentary on the Abridged Sahih Al-Bukhari

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري

خپرندوی

مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد

د خپرونکي ځای

الطائف - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

لا تَضِلوا بَعْدَهُ، قَالَ عُمَرُ ﵁: إِنَّ النَّبِي ﷺ غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وعِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ حَسْبُنَا، فاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغْطُ، قَالَ: قُومُوا عَنِّي وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَنّاَزُعُ".
ــ
ونحوه لكي آمر بعض أصحابي بتحرير كتاب هام " لن تضلوا بعده " يعني لكي يكون هذا الكتاب هاديًا لكم إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، فلا تميلوا بعده عن جادة الحق ولا تنحرفوا عن منهج الصواب، والظاهر أنّ هذا الكتاب كان يتعلق بأمر الخلافة ومن يليها بعد النبي ﷺ، وأنه ﷺ أراد أن يعهد فيه لمن يكون بعده خليفة للمسلمين " قال عمر: إن النبي ﷺ غلبه الوجع " قال ابن الجوزي: إنما خاف عمر أن يكون ما يكتبه النبي ﷺ في حالة غلبة المرض عليه فيجد المنافقون سببًا إلى الطعن في ذلك المكتوب " وعندنا كتاب الله حسبنا " أي يكفينا كتاب الله، وإنما لم يتمم عمر هذا الكتاب لأمرين: أولهما: أن النبي ﷺ كان قد غلبه الوجع. وثانيهما: أنه رأى أن أمره ﷺ هذا إنما كان توجيهًا وإرشادًا وليس على سبيل الوجوب.
قال ابن عباس ﵄ " فاختفوا وكثر اللغط " أي كثر الكلام وارتفعت الأصوات " قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع " لأن حالته المرضية لم تعد تسمح له بسماع الكلام الكثير والضجيج والأصوات العالية.
ويستفاد منه ما يأتي: أولًا: مشروعية كتابة العلم، لأن ما أراده النبيُّ ﷺ داخل في ذلك مهما كان مضمونه، سواء كان الكتاب في بيان بعض الأحكام الشرعية، أو في بيان أسماء الخلفاء من بعده. ثانيًا: أن النبي ﷺ لم يوصِ لأحد بالخلافة من بعده، ولم يوجد هناك أي نص أو وثيقة شرعية عهد فيها النبي ﷺ لأحد أن يكون خليفة عنه بعد وفاته، وإنما تمت الخلافة لأبي بكر عن طريق الانتخاب والشورى وإجماع الصحابة على مبايعته بالخلافة،

1 / 209