178

Manar Al-Qari Commentary on the Abridged Sahih Al-Bukhari

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري

خپرندوی

مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد

د خپرونکي ځای

الطائف - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أصَابَ أرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّة قَبِلَتِ الْمَاءَ، فأنبهتَتِ الْكَلأ وَالْعُشْبَ الكَثِير، وكانَتْ مِنْهَا أجَادِبُ، أمْسَكَتْ الْمَاءَ، فَنَفعَ اللهُ بهَا النَّاسَ، فَشرَبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أخْرَى، إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَاتُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلأ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِين اللهِ وَنَفَعَهُ ما بَعَثَنِي بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بذَلِكَ رَأسًَا ولَمْ يَقْبَل هُدَى اللهِ الذي أرْسِلْتُ بِه".
ــ
منها أرضًا خصبة نقيّة من الحشرات والديدان، التي تفتك بالزرع. " قبلت الماءَ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير " أي شربت مياه الأمطار، فأنبتت النبات رطبًا ويابسًا، فاستفادت في نفسها نضرةً وجمالًا، وأفادت الإِنسان والحيوان غذاءً وكساءً. " وكانت منها أجادب " أي وكان بعضها أرضًا صلبة مجدبة، لا تنبت زرعًا، ولكن فيها غدْرَانٌ " أمسكت الماء " فكانت بمثابة خزانات ضخمة، حفظت الماء، وأمدت به غيرها " فنفع الله بها الناس، فسقوا " مواشيهم " وشربوا " " منها ما يرويهم " وزرعوا " أي وحولوا الماء إلى أرض خصبة فزرعوها، فهي وإن لم تنتفع بالغيث في نفسها، إلاّ أنها نفعت غيرها من الإنسان والحيوان. " وأصاب منها طائفة أخرى " أي وأصاب ذلك الغيث نوعًا آخر من الأرض " إنما هي قيعان " أي أرض مجدبة مستوية لا غدران فيها " لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ " أي فهي لا تحفظ الماء لاستواء سطحها، ولا تنبت العشب لجدبها وصلابتها فلم تنتفع بذلك الغيظ في نفسها، ولم تنفع غيرها فهي شر أقسام الأرض وأخبثها. ثم بيّن النبي ﷺ لنا في بقية الحديث هذه الأمثلة ووضّحها لنا بقوله: " فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم " أي فتلك (١) الأرض الخصبة النقية هي

(١) وذلك لأن اسم الإشارة يعود إِلى صنفين من الأرض هما: النقية، والأجادب.

1 / 179