وقد روي من طرق شتى ووجوه كثيرة، تزيد بعض الروايات فيه على بعض في اللفظ ومعناه واحد.
وقد رواه أهل الحديث، وعرف ذلك من قدم على علي عليه السلام غيره، فليت شعري بأي وجه جاز لهم ذلك مع هذا الحديث وصحته وخبر يوم الغدير؟ وقد ذكرته فضلا عن أن يدعي معاوية لعنه الله بعد ذلك ما ادعاه أو يتعاطى ما تعاطاه، ولكني أقول في ذلك كما قال الله تعالى في كتابه المسطور: فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (1)، وكما جاء في الحديث: «حبك الشيء يعمي ويصم» (2).
ومضى أبو طالب على رأيه في نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله والشد على يده وتقوية أمره، وأمره الله عز وجل بالدعاء إليه وأن يصدع بأمره، فأظهر صلى الله عليه وآله نفسه ودعا قريشا وأهل مكة إلى الإسلام وأخبرهم بما أتاه من عند الله، وأنذرهم بأسه وعاب عبادتهم وما يعبدونه من دونه، وانتصب أبو طالب لمن أراد إنكار ذلك عليه أو منعه، فشق على قريش ذلك وعظم أمره عليها، إذ ذكر آلهتها فمشى بعضهم إلى بعض في ذلك، وكان الذي قام بذلك وقعد وأعاد فيه وأبدى وجمع وألب وحرض وحزب، أبو سفيان- لعنة الله عليه- بن حرب بن أمية، وبنوا أبيه من بني أمية لعنهم الله وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو البختري بن هشام، والأسود بن المطلب، والوليد بن المغيرة، والحكم بن عاص، والعاص بن وائل، وأبو جهل بن هشام لعنهم الله، فاجتمعوا وتدبروا رأيهم فرأوا أن يبدءوا بأبي طالب، فأتوه فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا، ونراك قد انتصبت دونه، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه.
فقال أبو طالب لهم قولا لينا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه، ومضى رسول
مخ ۸۵