فرحنا مع العير التي راح ركبها
شآم الهوى والأصل غير شآم
فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا
لنا فوق دور ينظرون جسام
فجاء بحيرا الناقي محاشدا
لنا بشراب عنده وطعام
وقال اجمعوا أصحابكم لطعامنا
فقلنا جمعنا القوم غير غلام
يتيم فقال ادعوه إن طعامنا
كثير عليه اليوم غير حرام
فلما رآه مقبلا فوق رأسه
يوقيه حر الشمس ظل غمام
حنى ظهره شبه السجود وضمه
إلى نحره والصدر أي ضمام
وأقبل ركب يطلبون الذي رأى
بحيرا برأي العين وسط خيام
فثار إليهم خشية لعرامهم
وكانوا ذوي حقد معا وعرام
دريس وتمام وقد كان فيهم
زبير وكل القوم غير نيام
فجاءوا وقد هموا بقتل محمد
فردهم عنه بحسن خصام
بتأويله التوراة حتى تيقنوا
وقال لهم ما أنتم بطغام
فذلك من أعلامه وبيانه
وليس نهار مبصر كظلام (1)
وقال أبو طالب في ذلك أيضا:
بكى جزعا لما ارتحلنا محمد
كأن لا يراني راجعا بالمعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه
وعبرته عن مضجعي ووسادي
فرح رائحا في الراجعين مشيعا
لذي رحم في القوم غير معاد
فقلت له قرب فتورك وارتحل
ولا تخش مني جفوة ببداد
وخل زمام العيس وارحل بنا معا
على عزمة من أمرنا ورشاد
فرجعنا مع العير التي راح ركبها
يؤمون من عرار أرض إياد
فما رجعوا حتى رأوا من محمد
أحاديث تجلوا غم كل فؤاد
مخ ۸۱