فلما فشى خبر الصباح ووقوعه بهند، غاربه عمارة بن الوليد بن المغيرة وكان يأتيها، فخرج بالصباح إلى سفر وأمر به فطبخ له قدرا فأتاه به في يوم حار فقال: طعام حار في يوم حار. وأمر به فشد في شجرة ورماه بالنبل حتى قتله، لما نقمه عليه من أمر هند، وفي نبذ هند من ولدته من السودان يقول حسان بن ثابت:
لمن سواقط سودان منبذة
باتت تفحص في بطحاء أجياد
فيهم صبي له أم لها نسب
في ذروة من ذرى الأحساب أياد
تقول وهنا وقد جد المخاض لها
يا ليتني كنت أرعى الشول للغادي
قد غادرته لحر الوجه منعفرا
وخاله وأبوه سيد النادي (1)
يعني بأبيه: عمارة بن الوليد بن المغيرة، وخاله: الوليد بن عتبة بن ربيعة.
وقيل: إن معاوية كان سبب ادخال الغناء إلى أرض العرب، وإنما كان الغناء عند العرب غناء الركبان، فأرسل معاوية إلى أرض فارس فأتى برجلين يجيدان الغناء الخسرواني وأظهرا أنهما بناءان، وكان حينئذ يبني بناء له، فغنيا وانتشر هذا الغناء الخسرواني عنهما، وكان معاوية أول من سمع الغناء.
وقيل له فيه: هذا الشعر الذي ينشدك إياه الأعرابي الجلف الجافي فتستحسنه؟
تنشدك إياه الجارية الحسنة الوجه الطيبة الرائحة بحلاوة منطقها.
فقال: جيئوا بها.
فأتته مغنية فقال لها: أنشديني.
قالت له: هو بلحنه أحسن.
فقال: هاتيه.
فغنته فارتاح وطرب، وأجاز من فتح له ذلك واستحسنه.
وقيل: إن معاوية سمع عند يزيد مغنيا يغنيه ليلا، فوقف وراء الباب حتى أعيا وهو يستمع ، ثم دعى بكرسي فجلس عليه حتى أصبح وهو يسمع غناءه.
مخ ۲۴۳