فقال يزيد: والله إن خيرا لك أن يدخل آل حرب كلهم الجنة.
قال إسحاق: وأنت والله إن خيرا لك أن يدخل بنو العباس كلهم الجنة.
فلم يدر يزيد ما عنى إسحاق بذلك، وانتهت إلى معاوية فقال ليزيد: ما أراد إسحاق بقوله لك: إن خيرا لك أن يدخل بنو العباس كلهم الجنة؟
قال: لا أدري.
قال له: فكيف تشاتم الرجال وأنت لا تدري ما يقال فيك؟ إنهم يقولون: إن العباس بن عبد المطلب هو أبي (1).
وهذه دعوى من معاوية ليدخل بزعمه في نسب بني هاشم بمثل ما أدخل هو زيادا في نسب أبيه، والذي أثبتوا أنه ابن مسافر بن أبي عمرو، وكان مسافر جميلا، وكانت هند تختار على أعينها، فأعجبها فأرسلت إليه فوقع بها فحملت منه بمعاوية، فجاء أشبه الناس به جمالا وتماما وحسنا.
وكان أبو سفيان ذميما قصيرا أخفش العينين، فكل من رأى معاوية ممن رأى مسافرا ذكره به.
فأما الصباح فكان شابا من أهل اليمن، أسود له جمال في السودان، وكان عسيفا لأبي سفيان، فوقع بها فجاءت منه بعتبة، فلما قرب نفاسها خرجت إلى أحياء لتضعه هنالك وتقتله كما كانت تفعل بمن تحمل به من السودان، فلما وضعته رأت البياض غلب عليه وأدركتها حنة فأبقته ولم تنبذه، ولذلك يقول حسان بن ثابت:
لمن الصبي بجانب البطحاء
ملقى عليها غير ذي مهد
نجلت به بيضاء أنسة
من عبد شمس صلته الخد
غلبت على شبه الغلام وقد
بدا فيه السواد الحالك جعد (2)
مخ ۲۴۲