280

البحث السابع

في استحالة الألم واللذة عليه

قد اختلف الناس في ذلك ، فذهب الأوائل الى إثبات اللذة عليه ، والجميع من المتكلمين نفوه واتفقوا مع الأوائل على نفي الألم عنه تعالى (1).

واعلم أن اللذة والألم قد يعني بها ملائمة المزاج ومنافرته والمزاج قد عرفته لا يعقل إلا في الأجسام ، والباري تعالى ليس بجسم فلا يصحان عليه ، وقد يعنى باللذة والألم إدراك الملائم من حيث هو ملائم وإدراك المنافي من حيث هو مناف ، فلا شك في أن واجب الوجود مدرك لذاته وذاته ملائمة لذاته فيكون ملتذا بهذا الاعتبار.

وبهذا يظهر عندي أنه لا فرق في المعني بين قول الأوائل والمتكلمين ، فإن دعوى المتكلمين حقة ودعوى الأوائل حقة وما أجمع عليه المسلمون حق ، غير أن اسم اللذة لا يطلق عليه تعالى ، لأن أسمائه توقيفية ويكون وقوع اسم اللذة على المعنيين بالاشتراك اللفظي.

واعلم أن الأوائل لا يمكنهم الاستمرار على هذا ، وبيانه أن الألم عبارة عن إدراك المنافي ، ولا شك في أنه تعالى مدرك للعدم ولا شك في منافاة العدم له ، فيلزم أن يكون الباري تعالى متألما وذلك باطل.

ووجه الاعتذار أن الألم ليس هو مطلق الإدراك بل بشرط النيل ، فاندفع المحذور.

واستدل بعض المتكلمين بأن اللذة إن كانت قديمة وجب وجود الفعل قبل

مخ ۳۲۸