236

البحث الثامن

في أنه تعالى مدرك

قد بينا فيما سلف من كتابنا أن السمع والبصر لا يتوقفان على الانطباع والشعاع ولا على تموج الهواء الواصل الى سطح الصماخ ، خلافا للأوائل ، وإن توقف شاهدا فجاز أن يكون في الغائب غير مشروط بهما وكذلك في بقية الحواس.

وإذا لم يتوقف على ذلك لم يكن في العقل مانع من وصف الباري تعالى بالإدراك ، والقرآن وارد بوصفه به ، فيجب المصير إليه حتى يأتي دليل عقلي يمنع من إجرائه عليه تعالى ، فيجب التأويل ، والخصم إذن في مقام التوقف من دون الدليل ، والأوائل لما اشرطوا (1) في الإدراك الآلات مطلقا وكانت ممتنعة في حقه تعالى نفوا الإدراك عنه.

والأشاعرة قد احتجوا بدليل عقلي على ذلك (2)، فقالوا : الباري تعالى حي وكل حي يصح وصفه بالإدراك وكل من يصح وصفه به فإنه يجب اتصافه به أو بضده ، وضده العمى والصم وعدم الشم الى غير ذلك وهي نقائص في حق الله تعالى ، فيجب وصفه بالضد.

وهذا الدليل مدخول من وجوه :

** أحدها :

يقتضي (3) اليقين على ما أوضحناه في كتبنا المنطقية.

** الثاني :

مخ ۲۸۲