وأما المتقدمون ففي كلامهم أيضا نوع اختلاف، فظاهر جمع من القدماء كالمفيد (1) وابن البراج (2) وأبي الصلاح (3) وابن إدريس (4) أنها هو اجتناب المحارم جميعا، ويظهر ذلك من الشيخ أبي علي الطبرسي (رحمه الله)، وظاهر كلامه في تفسيره الكبير (5) ادعاء الاجماع على ذلك، حيث نسبه إلى أصحابنا رضوان الله عليهم.
قيل: ويظهر ذلك عن العدة (6) أيضا.
وهم بين مصرح بأن المعاصي كلها كبيرة ولا صغيرة، وبين مطلق بالورع عن محارم الله واجتناب القبائح أجمع.
والمشهور بين الأصحاب، سيما المتأخرين - على ما نسب إليهم الشهيد الثاني (7) (رحمه الله) - هو الاجتناب عن الكبائر كلها وعدم الإصرار على الصغائر، أو عدم كونها أغلب، فلا يقدح الصغيرة النادرة، وهو صريح المبسوط (8)، وظاهر النهاية (9)، وصريح ابن الجنيد (10)، وابن حمزة (11).
ثم، قد عرفت ما نقلنا من نسبة اعتبار عدم فعل ما يوجب سقوط المروة إلى المشهور، وهو صريح المبسوط (12) وابن الجنيد (13) وابن حمزة (14) وغيرهم من المتأخرين.
ولما كان اعتماد من يفصل بين الصغائر والكبائر على ما دل عليه من الأخبار، وتقييد مطلق لزوم الاجتناب المذكور في بعضها بالكبائر، فلا بد
مخ ۶۱