لخوف انتشار ذلك، ولأن ذلك يوهم ادعاء الرئاسة والإمامة، فلذلك حثهم الإمام ورغبهم، وأذن لهم بفعلها وإن لم يكن خلفه صلوات الله عليه، ولا خلف من نصبه بالخصوص.
وإذا عرفت أنهم كانوا آمنين يومئذ، غير خائفين عن مخالفتهم، قادرين على الاجتماع على الجمعة، فلو كان الصلاة عليهم واجبا عينا ولم يعهد عندهم اشتراط هذا الشرط وكان المانع عندهم منحصرا في الخوف والتقية، فلا معنى لتركهم ذلك بعد الأمن وزوال الخوف، إذ هم كانوا عارفين بالوجوب المطلق، وكانوا متحملي روايات الوجوب والتأكيد، ولم يكن الوجوب مشروطا بشئ على ما ذكرت إلا بزوال الخوف وعدم التقية، وقد زال.
وأيضا لا معنى حينئذ للحث، والترغيب، ونحو ذلك مما يؤدي مؤدى الاستحباب.
ولو قيل: إن الرواية محمولة على أنه (عليه السلام) أخبره بزوال الخوف، ولم يكن الراوي يعرف زواله، ولذلك كان تاركا له.
قلنا: إنه لو كان كذا لاستحق الراوي الإعلام بزوال الخوف، ولم يكن محتاجا ببيان الوجوب ثانيا، سيما ولم يذكر (عليه السلام) له ما يفيد الوجوب، ومع هذا لا يلائمه " حتى ظننت أنه يريد " إلى آخره، لما عرفت.
ولا يخفى على المنصف المتأمل أن قوله (عليه السلام): " إنما عنيت عندكم " من قبيل قصر القلب.
وبالجملة: لا يستفاد من سياق تلك الخبر أزيد من الاستحباب، مضافا إلى أنه، على ما ذكرت، وردت في مورد الحظر، وهو لا يفيد الوجوب.
ويظهر مما ذكرنا الجواب عن كلامه الآخر، مع أن ظاهره، بل صريحه نسبة الفسق إلى فقهائنا الكرام رضوان الله عليهم، فإن التهاون مع عدم المانع، وحصول التمكن إثم لا يجوز نسبته إلى أدون منهم بمراتب شتى، فكيف بهم تقدس جنابهم عن ذلك؟
مخ ۴۸