وأما الجواب عن الأصل الرابع، فهو أن قولك: " إن الظهر ثابتة " إن أردت من ذلك أن العمومات الدالة على وجوب الظهر ثابتة حتى يثبت المخصص والذي ثبت تخصيصه هو فيما حصل الإذن، فنقول: إن العمومات لا يثبت منها إلا وجوب مطلق بالنسبة إلى ما هو في تحت قدرة المكلف من المقدمات التي هو مطلق بالنسبة إليها، وأما بالنسبة إلى غير المقدورة فهو مشروط، ومع انتفاء الشرط - وهو عدم إمكان انعقاد الجمعة، وفقدان شرائطها جزما، أو مع ظن ذلك، أو احتماله - كيف يتأتى الإتيان بالظهر؟!
فإن قلت: الأصل عدم هذا الشرط.
فأنت لا ترضى به، لكونه من البديهيات في الجملة.
وإن قلت: الشرط موجود، وهو عدم إمكان انعقاد الجمعة.
قلت: بما أثبت ذلك؟
فإن قلت: بأصل عدم الصحة، وبأن الشرط الذي ثبت بالإجماع والأدلة هو منتف فينتفي المشروط.
قلت: قد مر الجواب عن ذلك مفصلا.
وإن قلت: بالإطلاقات والعمومات.
فيدور الكلام، وأيضا العمومات مخصصة يقينا بفاقد شرائط الظهر، وبمن تمكن من الجمعة، وكلاهما أمران من الأمور النفس الآمرية، ولا يكفي في ذلك عدم العلم بكونه من الفاقدين والمتمكنين، بل لا بد من العلم بعدم الفقدان والتمكن .
وأصالة عدم التخصيص بعدما علم التخصيص لا يخفى ما فيه، فلا يمكن التشبث به أيضا.
هذا كله، مع أنه خلاف ظاهر كلامك.
وإن أردت من ذلك: أن الخطاب بتلك العمومات قد تعلق بالمكلف في أول وقت الظهر، وقد صار الذمة مشغولة بها، ولا يحصل البراءة إلا بفعلها.
مخ ۳۹