الثالث: أن ما ادعاه المستدل من أن الأمر هاهنا للتكرار بالاتفاق لا يتم به التقريب، لأن المحقق في الأصول عدم إفادة الأمر - من حيث هو - للتكرار، كما هو الظاهر من المستدل أيضا لتشبثه بالاتفاق، والاتفاق في ذلك غير مفيد جزما، إذ معنى الاتفاق على التكرار هو الاتفاق على وجوب الجمعة عينا الآن إن أراد من التكرار الدوام إلى يوم القيامة، أو وإن كان في زمان الغيبة وفقد الإذن والاتفاق على وجوبها حال الحضور ووجدان الإذن إن أراد من التكرار التكرار إلى زمان فقدان الإذن وزمان الغيبة.
أما الأول فهو عين المتنازع وأول المدعى، بل خلافه هو المجمع عليه، كما ادعاه جماعة، وأيضا فلا حاجة حينئذ إلى التشبث بالآية، وادعاء دلالة الأمر على التكرار، كما لا يخفى.
وأما الثاني فهو مسلم عندنا، ولا يفيد لك نفعا.
وبالجملة: إفادة التكرار دائر مدار الاجماع على نفس الوجوب، فتغيير التقرير لا يصير حجة على المتدبر الخبير.
الرابع: أن ما ذكرت من كون المراد من الذكر الخطبة أو صلاة الجمعة فلازمه كون ذلك التركيب الإضافي اسما للصلاة، فلا يبقى مجال لادعاء العموم في المصدر المضاف لو سلمنا عمومه لغة أو عرفا، إذ ليس المطلوب من الذكر معناه الحقيقي، ولم يعتبر ذلك من حيث الإضافة، بل المطلوب هو معناه العلمي، فحينئذ يكون مطلقا، ولا يفيد العموم لغة.
وكون الصلاة في هذه الأزمنة من الأفراد المتعارفة محل تأمل ، والمطلق لا ينصرف إلا إليها.
سلمنا، لكن هذا إنما يتم لو قلنا بأن العبادات أسامي للأعم من الصحيحة، وإلا فكون تلك الصلاة صحيحة جامعة لشرائط الصحة أول الكلام.
والتشبث في إثبات الماهية بأصالة عدم كون ذلك شرطا أيضا محل إشكال، لمعارضتها بأصول متعددة: استصحاب شغل الذمة، وعدم حصول يقين البراءة
مخ ۲۴