Management in the Era of the Prophet Muhammad (PBUH)
الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
خپرندوی
دار السلام
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٧ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
عليهما بأمر لهما فيه سعة» «١» وقد عدّ بعضهم هذه القصة من المظالم، لكون أحد المتخاصمين ابن عمة الرسول ﷺ، فظن الأنصاري أن الزبير أخذ هذا الحقّ لقربه من الرسول ﷺ، ولكنّ النبيّ بين الحكم الذي ينبغي أن يتبع في أمر السقاية بين الجيران «٢» .
ومن الحوادث التي وقعت في عهد الرسول ﷺ واعتبرت من نظر المظالم ما رواه أبو داود (ت ٢٧٥ هـ) أنه: «كان لسمرة بن جندب عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار، ومع الرجل أهله، فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به ويشق عليه، فطلب إليه أن يبيعه فأبى، فطلب إليه أن يناقله فأبى، فأتى النبي ﷺ فذكر له ذلك، فطلب إليه أن يبيعه أو ينقله فأبى ثم رغبه أن يهبها له، والله يثيبه أكرم مثوبة فأبى، فقال ﵇: «أنت مضار»، ثم قال للأنصاري: «اذهب فاقلع نخله» «٣» وهذا يوضح أن النبي ﷺ لم يختر الحكم الذي ينهي الخصومة فقط كبيع النخيل أو هبته، إنما اختار الحكم الذي ينهي الخصومة، ويردع الظالم لإساءته استعمال حقه، فقضى بقلع النخل وهو ما يجاوز حكم القضاء، ويدخل في نطاق نظر المظالم الذي تظهر منه السياسة الشرعية؛ تحقيقا للمصلحة العامة «٤» .
واعتبر ما وقع لابن اللتبية أساسا واضحا لقضاء المظالم؛ لأن ما أعطي ابن اللتبية من الهدايا كان بسبب استغلال نفوذه الوظيفي «٥»، ولهذا فقد احتاج هؤلاء الولاة والعمال إلى سلطة أعلى من سلطة القضاء، والتي تجمع بين حكم القضاء، وهيبة السلطة، وهو ما سمي فيما بعد «بقاضي المظالم»، يقول الماوردي (ت ٤٥٠ هـ) معرّفا نظر المظالم:
«هو قود المتظالمين إلى التناصف بالرهبة، وزجر المتنازعين عن التجاحد بالهيبة، فكان من شروطه أن يكون جليل القدر، نافذ الأمر، عظيم الهيبة، ظاهر العفة، قليل الطمع، كثير الورع؛ لأنه يحتاج في نظره إلى سطوة الحماة، وثبت القضاة، فيحتاج إلى الجمع بين صفات الفريقين» «٦» وقد تمثلت هذه الصفات جميعا في رسول الله ﷺ وهو ينظر في هذه القضية.
(١) الشوكاني، نيل الأوطار (ج ٩، ص ١٧٨) (الزهري) .
(٢) سعود، التنظيم القضائي (ص ١٧٦، ١٧٧) .
(٣) ابن القيم، عون المعبود (ج ١٠، ص ٦٤، ٦٥) .
(٤) صبحي الصالح، النظم الإسلامية (ص ٣٢١) .
(٥) البخاري، الصحيح (ج ٣، ص ٢٠٩)، (ج ٨، ص ١٦٣)، مسلم بشرح النووي (ج ١٢، ص ٣١٨- ٢٠٠) . أبو داود، السنن (ج ٣، ص ٣٥٤، ٣٥٥) .
(٦) الماوردي، الأحكام (ص ٧٧) .
1 / 241