ومنها: تقرير الزيدية أن هذا العالم الذي نراه وما حواه الفلك الدوار لا بد أن يكون جزءا من مخلوقات الله سبحانه، ولذلك حصل الخلاف بين علماء الزيدية والمعتزلة، قال الإمام المهدي في كتابه المذكور: مسألة: (من مد يده إلى خارج الفلك ذهبت). قال أبو القاسم البلخي: لا تذهب أصلا. وأنكر القولين عباد ولم يوضح مذهبه، لنا: لا مانع من ذهابها.
ومنها: تقرير الزيدية أن في الشمس والنار حرارة، قال الإمام المهدي في ذلك ما لفظه: مسألة: (في النار والشمس حرارتان يحدثهما الله تعالى). الفلاسفة: لا حرارة في الشمس، واختلفوا فيما يشاهد، فقيل: من الأثير، وقيل: منعكس من الأرض فيحدث الحرارة. انتهى.
ومنها: تقرير الزيدية أن الأرض كروية، قال الإمام المهدي في مقدمة البحر ما لفظه: (مسألة: والأرض كروية). وقال أبو العباس: بل مسطحة، وقيل: شبه طبل، وقيل: كنصف كرة مشقوق، وقيل: كصنوبرة، وقيل: لا طريق إلى كرويتها إلا السمع، قلت : بل لهم إلى كرويتها طريق عقلي تحقيقه في علم الفلك.
ومنها: تقرير الزيدية أن كل جسم مركب من جواهر. وهو ما أثبته العلم الحديث.
هذا واعلم أيها المطلع على هذا أن الذي أوردناه في إثبات تفوق الزيدية في علم الفلسفة هو بعض من كل، وقطرة من مطرة.
وما أوردناه من الأدلة على ذلك ليدل دلالة ظاهرة قاطعة تحكم بأنهم عباقرة الفكر الإسلامي بل والعالمي في عصرهم وإنا إذا عرفنا ما كان نقله هنا من كتاب (مقدمة البحر الزخار) للإمام المهدي وسقناه بالحرف الواحد، وعرفنا أن ذلك التأليف كان قبل حوالي سبعمائة قرن من الزمان بالنظر لأنه عاش كما قدمناه بين سنة 775ه وسنة 840ه، لا بد أن نحكم أن تقارير الزيدية فيما صح لهم نتيجة دراسة علمية وفكرية على الأدلة العقلية والنقلية.
فيجدر بهم مع هذا أن يكون لهم ما نالوه من السبق في اختيار المذهب الشريف على أصح ما ورد من المسانيد وأوفق ما استنبط من الأحكام.
مخ ۶۳