ومنها: أنه بالنظر إلى ما حصل قديما وحديثا من اختلاف، وما وصل إليه العلماء الجيولوجيون اليوم بعد غزو الفضاء، وذلك بعد ارتباكهم الطويل عن حقيقة تكوين الأرض وابتداء وجود الإنسان، ذلك القول الذي صدر عن دار البحوث الأمريكية في عام 1973م موافق 1393ه والذي يتكهن بموجبه علماء الفضاء والجيولوجيا وهو: أن الأرض تكونت من ماء تحرك به زبد ثم تحجر، وأن ذلك حصل وبضغط هوائي ودوران قوي.
فإن للزيدية أن يفخروا بأنهم وجميع آل رسول الله يقولون في هذا العلم ما قاله الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- في خطبته المنقولة في نهج البلاغة المروية بإسناد متصل تناقله العلماء المحدثون جماعة عن جماعة، والتي قال فيها عن ابتداء خلق السماوات والأرض وابتداء خلق الإنسان ما لفظه: (ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشق الأرجاء، وسكائك الهواء، فأجرى فيها ماء متلاطما تياره، متراكما زخاره، حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة، فأمرها برده، وسلطها على شده، وقرنها إلى حده، الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق، ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها، وأدام مربها، وأعصف مجراها، وأبعد منشأها، فأمرها بتصفيق الماء الزخار، وإثارة موج البحار، فمخضته مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء، ترد أوله إلى آخره، وساجيه إلى مائره، حتى عب عبابه، ورمى بالزبد ركامه، فدفعه في هواء منفتق، وجو منفهق، فسوى منه سبع سماوات جعل سفلاهن موجا مكفوفا، وعلياهن سقفا محفوظا، وسمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها، ولا دسار ينظمها. انتهى المراد.
وساق بعد هذا كلاما عن الكواكب والسماء.
قلت: وفي كتاب (شرح نهج البلاغة) للعلامة ابن أبي الحديد -رحمه الله- ما فيه توضيح لنقط كثيرة من محتويات خطاب الإمام علي ، فمن أراد مزيدا من الإيضاح فعليه بالكتاب المذكور.
مخ ۶۱