وعلى الجملة فإن الزيدية يقررون للفرد في التشريع الإسلامي ما هو أحسن ما وصل إليه الفكر المعاصر في الحضارة المعاصرة، وذلك لأنه دستور من وضع الخالق العالم سبحانه بما يحتاج إليه البشر.
قال الأستاذ عبد الكريم زيدان في كتابه (الفرد والدولة في الشريعة الإسلامية) ما لفظه:
شخصية الفرد في الدولة الإسلامية بارزة لا تفنى فيها، وإنما يقوم بإزائها، يعينها ويعمل على بقائها وصلاحها، كما تعمل هي على بقاء شخصية الفرد وصلاحه؛ لأن بقاء وصلاح كل منهما ضروري للآخر، فلا تنافر بين الاثنين ولا تعارض، ولا مصلحة لأحدهما في مخاصمة الآخر ومعارضته لمحض المخاصمة والمعارضة، وإنما قد يحدث شيء من ذلك عند انحراف أحدهما على نهج الإسلام الذي يخضع له الاثنان.
من أجل هذا كله يتمتع الفرد في الدولة الإسلامية بكامل حقوقه التي أقرها له الإسلام؛ لأن ما أقره الإسلام تقره دولة الإسلام، ثم إن تمتع الفرد بحقوقه يعتبر أعظم ضمان لبقاء الدولة قوية سليمة البنيان قادرة على تحقيق أهدافها.
ومن ثمة فإن الدولة تحرص على تمتع الأفراد بحقوقهم حرص هؤلاء على هذه الحقوق، ولا مصلحة مطلقا للدولة في السطو على هذه الحقوق؛ لأنها قامت لتمكن الأفراد من أن يحيوا الحياة الإسلامية، ومن أسباب هذا التمكن تمتعهم بحقوقهم بل ودفعهم إلى استعمال هذه الحقوق.
وقال أيضا تحت عنوان (حق الانتخاب) ما لفظه:
للأفراد حق انتخاب رئيس الدولة، فمن اختاروه لهذا المنصب، فهو رئيس الدولة الشرعي، وبهذا صرح الفقهاء، فمن أقوالهم الصريحة في هذه المسألة من اتفق المسلمون على إمامته وبيعته ثبتت إمامته ووجبت معونته، وقولهم: (الإمامة لا بعهد السابق له) ...إلى آخر كلامه في هذا.
قلت: والزيدية مع القائلين بوجوب الانتخاب وبأن السلطة يجب أن تكون مستمدة من اختيار الشعب لرئيسه، ويسمونها في الشريعة الإسلامية (المبايعة).
مخ ۳۵