319

ماليه مصر

مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن

ژانرونه

وقال إستيف في مذكرته عن المالية المصرية بكتاب «وصف مصر» (ج1 ص306):

لم يتوصل الترك إلى تقرير خراج مصر إلا بعد جهد عظيم وكثير من البحث والتنقيب، وبما أن المماليك كانوا أحرقوا محفوظات الحكومة فقد حاول السلطان سليم أن يعتاض عنها بمعلومات عمال الحكومة القديمة، فاستطاع أن يعرف ما يدره الخراج من هؤلاء العمال الذين كانوا يوزعون على كل ممول بيانا بما هو مربوط عليه بإلزامهم أن يسلموا السجلات التي كانت تحت أيديهم، ومع ذلك لم تفده هذه الطريق الفائدة التي كان يرتجيها، فأمر بعمل روك عام للقطر في المديريات والمدن والقرى ومسحت كل دائرة منها بالفدان، ولكن يجب الاعتراف بأن أعمال هذه المساحة لم تتم على الوجه المطلوب، فقد كان يوجد بكل المديريات تقريبا ممتلكات وقرى ما زالت مسطحاتها مجهولة للحكومة إلى الآن. ا.ه.

وقال في الصفحة 331:

يرجع الفضل في وجود الزراعة بمصر إلى فيضان النيل الذي لولاه لما كانت تربتها خصبة، ولأتلفها الرمال وصيرتها صحراء جرداء، ودرجة الفيضان في هذا البلد الذي لا يسقيه الغمام أبدا هي المقياس الوحيد للأعمال والمحاصيل الزراعية، والقاعدة المتبعة في تحصيل الخراج هي أن الفلاحين لا يلزمون بدفعه إلا إذا غمرت المياه الأراضي، ولكن الحكومة كانت تكتفي بفتح الخليج لهم لإثبات ذلك وإلزامهم بالخراج، فنشأ عن هذه الطريقة أن كانت الأراضي لا تعفى من الضريبة أبدا حتى في السنين الرديئة الفيضان، وكان الباب العالي لا يسمح مطلقا بحدوث أي تخفيض في الأموال الأميرية، وكذلك لم يكن الولاة أكثر منه تساهلا في مال الكشوفية، وعندما يكون الفيضان ناقصا أو زائدا ويكون المحصول تبعا لذلك ضئيلا أو رديئا، يكف الملتزم عن المطالبة ويؤجل التحصيل، ثم ينشط عادة في العام التالي إلى جبايته مع تحصيل المتأخر في السنة الماضية، وبما أنه لم يكن هناك نظام يلزم البكوات أو الملتزمين بإجراء تخفيض في الضرائب عندما يكون المحصول سيئا، كانت العاطفة البشرية وعسر الفلاح في أغلب الأحيان هما اللذان يقدران المبالغ التي يضعونها عن كاهله. ا.ه.

وقال إستيف بصدد الخراج إنه استمر على ما هو عليه من وقت حكم السلطانين سليم وسليمان، فلم يحدث فيه سوى زيادة طفيفة في عهد حكم السلاطين أحمد ومحمد ومصطفى، بلغ مقدارها 7412893 ميديا (15000ج.م) تقريبا، وبذلك وصلت قيمة هذا الخراج إلى 27296192 فرنكا (1052951ج.م) عينا ونقدا، وبمقارنة هذا المبلغ بالقيمة التي ذكرها ابن إياس وهي 990000ج.م نجد في مبلغ إستيف زيادة قدرها 62951ج.م وهذا مما يؤيد دقة المعلومات التي رواها إستيف، والفرق بين ال 15000ج.م وال 62951ج.م يرجح أنه حدث من تقدير ثمن الحبوب، أو سعر الميدي الذي لم تكن قيمته ثابتة على حال واحدة.

وقال إستيف أيضا: إن طريقة توزيع الخراج كانت في أغلب المديريات غير عادلة، والسبب إما فساد عملية التوزيع أو طروء تلف أو إصلاح على الأرض نفسها؛ لأنك بينما ترى أطيان ناحية خصبة مفروضا عليها مبلغ يسير، ترى أطيانا أخرى أقل منها سعة وخصبا مفروضا عليها مبلغ كبير، ولكن متى علمنا أن هذا التوزيع حدث منذ ثلاثة قرون بطل عجبنا، وتبين لنا أن ظهور هذا الفساد في التوزيع لم يكن سوى أمر طبيعي.

أما المساحة التي أجراها السلطان سليم فليس لدينا لسوء الحظ أي مستند نقف منه على أي نتيجة لها، ولم يشر التاريخ كذلك إلى مساحة أخرى عملت أثناء هذه الفترة. ومع كل فإن مهندسي الحملة الفرنسية مسحوا أرض مصر، ومن المرجح كثيرا أن المساحة المزروعة التي وجدها هي نفس المساحة التي كانت تزرع قبل ذلك بسنين قلائل.

ولقد وجد الفرنساويون مساحة الأرض المزروعة 3217671 فدانا، مسطح كل منها 5929 مترا مربعا، أي 4542279 فدانا، مساحة كل منها 4200 متر مربع، وبناء على ذلك نكون قد حصلنا مع خراج قدره 1052951ج.م على متوسط قدره 33 قرشا للفدان الذي مساحته 5959 مترا مربعا، و23 قرشا للفدان الذي مساحته 4200 متر مربع.

الفصل السابع

عصر الفرنسيين

ناپیژندل شوی مخ