فنادت إحدى النساء وأعطتها رداءها فجعلته شبه ستار بينها وبين الحاضرين، ثم كشفت عن صدرها وخلعت أعلى ثوبها، فظهر كتفها أمام المدير وناثائيل وشاهدين. أما أبوها فقد جمد الدم في عروقه؛ إذ لم ير على كتفها أثرا من هذه العلامة، وعاد المدير إلى مجلسه وهو يقول: إن هذا الرجل منافق.
ثم أمر اثنين من رجاله فقبضا عليه وهو لا يكاد أن يعي من شدة خوفه.
وخرجت مس ألن، فلم تكد تتجاوز الباب حتى رأت رجلا بملابس البحارة، فعرفت من عينيه أنه جان وقالت في نفسها: لقد عرفت الآن السبب في ما كان؛ فإنه أراد أن ينتقم لضربة السوط.
ثم مرت به وقد نظرت إليه نظرة المنتصر وعادت إلى منزلها. •••
إن من عادة المحاكم الإنكيزية البطء في القضايا الكبرى والجنايات العظيمة، ولكنها لا تتمهل في القضايا الصغرى، ولا سيما قضايا البوليس، وقد جرت على هذه القاعدة في محاكمة والد مس ألن.
ثم إن السير روبرت راعه ذلك الخطر الذي كان محدقا بربيبته، وكان قد أعد عدته لاتقائه من زمن بعيد فإنه حين اشترى توبسي من أبيها كان له بنت أخ يتيمة في الريف ماتت ولها عمر توبسي فأخذ أوراق ولادتها وكتم أمر موتها في لندرا، وأوهم الناس أن توبسي هي بنت أخيه، فكانت تلك الأوراق تثبت مدعاه.
ثم إنه كان يعرف رجلا من النور صناعته الوشم، وكان له عليه فضل، فأخذ منه دواء محا به أثر الوشم عن كتف توبسي.
فلما علم بما جرى لها مع أبيها ذهب إلى مجلس العموم - أي مجلس النواب - وهو عضو فيه، فبسط شكواه وقال: إن الأشراف بجملتهم قد أهينوا لإهانته، فكان ذلك باعثا إلى التعجيل بمقاضاة ناثائيل فحاكموه، وحكم عليه القاضي بأقصى درجات العقوبة، وهي الغرامة والجلد في محل عام.
فلما كان يوم التنفيذ ازدحم الناس في ساحة العقاب، وذهبت مس ألن على جوادها إلى تلك الساحة قبل موعد التنفيذ بنصف ساعة.
وكانوا قد بسطوا النطع فوق دكة عالية، ووقف الجلاد عليها، فلما رأت هذا المنظر الرهيب اصفر وجهها، ونسيت كل ما أساء إليها به أبوها في حداثتها.
ناپیژندل شوی مخ