وكان قد أنبأ البوليس بأمرهما، ولكن البوليس على مهارته في لندرا لم يقف على أثر الهاربين، فكاد يجن من يأسه لوثوقه أن ألن لا تعود إلى لندرا إلا وهي زوجة ليونيل.
وذلك أن في إنكلترا - ولا سيما في ذلك العهد - كان الزواج سهلا، فلو ذهب عاشقان إلى دير كاهن وسألاه أن يعقد زواجهما لفعل دون اعتراض، فكان هذا الخاطر يعذب السير روبرت عذابا شديدا؛ لأنه كان قد آلى على نفسه قضاء أمرين؛ أحدهما أن لا يدع ربيبته تتزوج بليونيل لأنه من الأشراف، وثانيهما أن يكره روجر على أن يرد ثروته لأخيه ليونيل ابن اللورد الشرعي.
وفيما هو في منزله يتأهب للذهاب إلى مدير البوليس، دخل إليه خادم قال له: إن رجلا يلبس ملابس التجار يريد أن يقابلك.
فأذن له فدخل، فقال روبرت في نفسه: يخال لي أني عرفت هذا الرجل.
أما الرجل، فإنه انحنى أمامه مسلما وقال له: ألا إن سيدي يعرفني دون شك.
قال: أذكر أني رأيتك، ولكن لا أذكر أين.
قال: لقد تشرفت بلقائك يا سيدي في الهند . - في الهند؟ - نعم. وكان ذلك مرتين: إحداهما في الطريق من شاندرناجور إلى كلكوتا، والثانية في خمارة عند باب تلك العاصمة. - أأنت هو؟ - نعم. أنا هو ناثائيل، والد توبسي الذي جلدوه خمسين سوطا لأنه طلب أن ترد إليه ابنته.
فقطب حاجبيه وقال له: والآن ماذا تريد؟ أتريد مالا؟
قال: إن تجارتي رابحة بإذن الله، وأنا أشتغل هنا منذ خمسة عشر عاما ما شكوت فيها إلا يوم جلدوني، فإن هذا الشعب الخامل لا يفتأ ينتصر للظالم على المظلوم، وقد أبوا أن يصدقوا أن مس ألن الحسناء إنما هي ابنتي. - أظن أنك لم تأت إلى هنا إلا لتقص علي تاريخ حياتك. - كلا دون شك. - إذن؛ ماذا تريد؟ - إني أصبحت شيخا كما ترى، وأنا الآن غني، وليس لي وريث؛ فأريد أن ترد إلي ابنتي. - إني لا أعترضك؛ فإن ابنتك قد أساءت إلي بعد إحساني. - لا عجب؛ فقد كانت أمها على شاكلتها. - وقد طردتها من عندي. - لقد عرفت ذلك أيضا يا سيدي. - إذا كنت قد عرفت ذلك، فلماذا أتيت إلي؟ - أصغ إلي يا سيدي، فإني أعرف أمورا أخرى أيضا. - ألعلك تعرف أين هي؟ - نعم. - تكلم. - رفقا يا سيدي. ولنبدأ بوضع شروطنا إذا أردت.
فأدرك أن لهجة العنف لا تفيد مع هذا الرجل، فقال له برفق: قل فإني مصغ إليك.
ناپیژندل شوی مخ