ثم قال: يا «روبير»، إننا لو تركنا الحرب على ما هي عليه لهلكت أبطال فارس، ولكن الحرب خدعة، فاذهب أنت الآن إلى مولاك وأخبره أن يهجم في الليلة الآتية على الأبواب فيجدني قد فتحتها له من الداخل؛ بحجة أني سأهجم عليكم على حين غفلة منكم.
فقال: سمعا وطاعة.
ثم ودعه وخرج، وانخرط بين عساكر «مادي».
وكان الملك «أستياج» فرحا بنصر جيوشه وخامره السرور من شدة فرحه، وأرسل إلى «أرباغوس» وقال له: كيف رأيت عساكرنا في هذا اليوم؟
قال: يا مولاي، على غاية ما يرام من الانتظام حليفهم النصر، وعما قليل ترد عساكر الفرس على أعقابهم، ونأتيك «بكورش» أسيرا أو قتيلا، وفي هذه الليلة سأهجم عليهم على حين غفلة، وأمحي أثرهم.
قال: باركت النار فيك يا وزيري الأمين!
وفي اليوم الثاني خرج «روبير» ضمن عساكر «مادي»، واختلط بعساكر الفرس، ودخل على الملك، وأخبره بما تم بينه وبين الوزير ففرح لهذا الخبر، وجمع القواد، ورتبهم بحسن درايته، وقال: كونوا على أهبة لحين أن يصدر لكم أمري بالهجوم على الأبواب.
قالوا: سمعا وطاعة.
ثم أمر «روبير» أن يلاحظ الوقت المعين، وفي الميعاد جاء «روبير»، وقال: يا مولاي، أزف الوقت. فصدر الأمر للقواد بالهجوم، وقد هجموا هجوم من يريد التخلص من الظلم، وألقوا بأنفسهم في حزافر الموت، و«كورش» شاهر حسامه في مقدمة تلك الصفوف، و«روبير» أمامه، و«فانيس» عن يمينه، و«بركزاس» عن يساره، ولما رأى الوزير ذلك، وعسكر الفرس كالسيل الجارف أمر القواد بالرجوع إلى الوراء، وأن تخلى الأبواب، فعلموا أنها مكيدة، وألا مناص من الخضوع، فامتثلوا أمره، ودخل «كورش» بجيوشه المنصورة وملك الأسوار، واستولى على قصر الملك بعد أن قادوه أسيرا، ثم جلس «كورش» على سرير مملكة «مادي»، وجمع أكابر الدولة، وسألهم فيمن يختاروه عليهم حاكما لبينما يفرغ هو من غزواته، فقالوا كلهم بلسان واحد نحن نريد الوزير «أرباغوس»؛ لأنه محب لنا، عادل بالرعية، فولاه وأمر باستحضار «أستياج»، فحضر فقال له: كيف رأيت صنع الله في الظالم؟! ولماذا قتلت أبي وأمي - ولم يعصيا لك أمرا؟
قال: فلم أقصد قتل أمك؛ وهي ابنتي الوحيده، ولكن كان قصدي قتلك وأنت في بطنها خوفا على ضياع مملكة «مادي»، فلم يتيسر لي ذلك، ولا بد أن يكون للنار فيه إرادة.
ناپیژندل شوی مخ