والآن، اسمع مني رأيا أبديه إليك، وليكن لك به تسلية، وترفع من عنقك نير اليأس، وهو أنك تأذن لي بالسفر إلى نينوى حتى آتي إليك بأخبار «شاهزنان»، وأعلمها بحبك لها، وأعلم مقدار حبها لك.
قال: كيف ذلك؟ وكيف يقال إذا لم يجدوك هنا؟
قال: يا سيدي، إني أستأذن أخوي بالتجول على حسب العادة، وأنت تعلم أنني كنت أتغيب عن القصر شهرا أو أكثر لاكتشاف الأماكن التي على حدود المملكة، وبهذه النية أسافر من هنا إلى نينوى.
قال: شأنك يا «روبير»، ولكن لا تطل غيابك عني، ولا تتركني أعاني عذاب الانتظار.
ومن ثم قام ودخل على أخويه، واستأذنهما بالسفر على قصد الاكتشاف، وقد كنا أسلفنا أن مهنته العيارة، وهذه المهنة يلزم لها السياحة ليطلع على أحوال البلاد حتى إذا لزم الأمر حرب أو غيره يكون خبيرا بأحوال الطرق والممالك. وبعد أن استعد للسفر دخل على «كورش» فوجده في انتظاره، فقال له: هل حررت لها خطابا أم كيف يكون الرأي؟
قال: يا أخي لا أقدر أن أحرر لها شيئا؛ لأني لم أعلم كيف يكون من أمر سفرك، وماذا تكون أحوالها من جهتي، فهل ترحم غرامي بها أم تردك بالخيبة والفشل؟ ولكنك أنت لسان حالي، وفي فصاحتك كفاية.
ثم ودعه وانصرف قاصدا طريق «نينوى»، وفي نيته أنه إذا اجتمع بها يخبرها بنسب «كورش»، ويوصيها بكتمان الأمر عنه إذا كتبت له، ويخبرها عن أسباب ذلك بالصورة الواقعة.
وهكذا سار «روبير» يقطع الأرض نهبا إلى أن التقى «بطيفور» وأخياه، ورأى ما قد حصل «لفيروز»، وكمن حتى تواروا عنه، ودخل على «فيروز» وفكه، وسأله عن أمره، فأخبره بالواقع ففرح «روبير»، وعلم أن الله قد أرسله؛ ليخلص شرف بنت الملك و«كورش» معا، فحمده وأثنى عليه، وخلص الرقعة - كما تقدم - فلندعه الآن في سيره، ونرجع إلى «بركزاس» حيث تركناه أمام النافذة يسترق السمع من «كورش»، ولما سمع ما تلفظ به من العبارات الغرامية وفهم أنه عاشق يائس - وقد كاد اليأس أن يهلكه - ذهب إلى «فانيس»، وأخبره بالخبر، وأعلمه أن «روبير» ذهب لهذا الخصوص، قال «فانيس»: يلزم لنا أن نخبر الوزير حتى يتخابر مع أستاذنا «أرباسيس» ليبديا فيه رأيهما.
الفصل الثاني عشر
في سفر كورش ودخوله مدينة شيراز
ناپیژندل شوی مخ