ملک په ځوانۍ کې بې ځایه

صلاح هلال d. 1450 AH
24

ملک په ځوانۍ کې بې ځایه

ملك في منفى العمر

ژانرونه

وأدركت بعد سنوات عديدة أن الرغبة في الرجوع إلى البيت تحمل بين طياتها شيئا إنسانيا؛ فقد فعل أبي بصورة تلقائية شيئا فعلته كل الإنسانية من قبل؛ ألا وهو تحديد مكان من المفترض أن يشعر المرء فيه باحتواء إذا وصل إليه؛ ليكون بمثابة الترياق للحياة المفزعة غير المحتملة. سمى أبي ذلك المكان البيت، بينما يسميه المؤمنون الجنة.

عندما يكون الإنسان في البيت يجد أشخاصا يشعر تجاههم بالألفة ويتكلمون لغة مفهومة. يقول أوفيد في كتابه «المنفى»: «حيث يفهمون لغتك يكون الوطن.» وكانت لهذه المقولة أهمية وجودية فيما يتعلق بأبي؛ لأن محاولاته لمتابعة أحاديث الآخرين كانت تبوء بالفشل بصورة متزايدة، كما كانت محاولاته التعرف على الوجوه تفشل؛ مما جعله يشعر وكأنه في منفى. أصبح من يحدثونه غرباء مع أنهم إخوته وأبناؤه؛ لأن ما يقولونه كان مريبا ويسبب له مزيدا من الحيرة. وهذا يجعل من استنتاجه الحتمي أن هذا المكان يستحيل أن يكون بيته أمرا منطقيا؛ ومن ثم فقد كان من المنطقي أيضا أن يتمنى الرجوع إلى بيته مقتنعا بأن الحياة ستعود وقتها إلى ما كانت عليه. •••

قال لي أبي ذات مرة: «لقد غسلت يدي هنا. هل كان مسموحا لي أن أفعل ذلك؟» «نعم يا أبي، هذا بيتك، وهذا الحوض لك.»

نظر إلي متعجبا ثم ابتسم حرجا وقال: «يا إلهي، لعلي لا أنسى ذلك ثانية!»

هذا هو مرض ألزهايمر، أو بالأحرى: هذه هي الحياة أو المادة التي تصنع منها الحياة. •••

مرض ألزهايمر مثل كل الأشياء المهمة، يوضح لنا أشياء أخرى أكثر مما يوضح خفاياه هو نفسه. تتضح السمات الإنسانية والمشاعر الاجتماعية كما لو كنا ننظر إليها عبر نظارة معظمة. العالم يحيرنا جميعا، وإذا دققنا النظر فسنجد أن الفارق بين الإنسان السليم والآخر المريض هو مدى قدرته على مداراة الحيرة الظاهرة؛ فتحتها تقبع الفوضى.

حتى بالنسبة إلى الشخص السليم نسبيا يعد النظام القائم في رأسه مجرد خيال للعقل.

يفتح مرض ألزهايمر عيوننا، نحن معشر الأصحاء، على مدى تعقيد القدرات التي نحتاجها للتغلب على تحديات الحياة اليومية. في الوقت نفسه يعتبر ألزهايمر تصويرا رمزيا لأحوال مجتمعنا بعد أن فقدنا النظرة الكلية وأصبح لا مجال للإلمام بكل المعرفة المتاحة، وأصبحت المستجدات التي لا تنتهي تخلق مشاكل في التوجه ومخاوف من المستقبل. عندما نتحدث عن مرض ألزهايمر فإننا نتحدث عن مرض القرن. المصادفة وحدها جعلت حياة أبي تعرض تلك التطورات عرضا رمزيا. بدأت حياته في وقت وجد فيه كثير من الثوابت (الأسرة والدين وهياكل السلطة والأيديولوجيات ودور الجنسين والوطن)، ثم انتهى به الأمر إلى هذا المرض عندما أصبح المجتمع الغربي رهين كومة من أطلال تلك الثوابت.

وازداد تضامني مع أبي عندما أدركت ذلك مع مرور الوقت. •••

إلا أنني لم أكن قد بلغت المدى؛ لأني إنسان بطيء التفكير. استمررت في المقاومة؛ لأني لم أتوقف عن الاعتقاد في أنه بإمكاني من خلال العناد والإصرار أن أعيد ارتباط أبي بالواقع.

ناپیژندل شوی مخ