كتاب الملاحن
للإمام العلم العلامة، البحر الفهامة فريد عصره ووحيد
دهره، لسان العرب وترجمان الأدب الإمام أبي بكر
محمد بن الحسن
ابن دريد الأزدي
سقي الله عهده صبب الرحمة والرضوان وأسكنه بحبوحة الجنان بمنته وكرمه
تحقيق وتعليق
عبد الحفيظ فرغلي علي القرني
1 / 913
ابن دريد
وهو محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري، وكنيته أبو بكر، أورد ابن خلكان في وفياته نسبته إلى يعرب بن قخطان ..
كان إمام أهل عصره في اللغة والأدب والشعر بإجماع الرواة.
ولد في خلافة المعتصم. سنة ثلاث وعشرين ومائتين بالبصرة، وفيها نشأ وتعلم، وأخذ عن كثير من العلماء المتقدمين، منهم أبو حاتم السجستاني، والرياشي، وعبد الرحمن بن عبد الله المعروف بابن أخي الأصمعي وغيرهم من الأئمة الأعلام.
ثم انتقل عن البصرة حين حدثت ثورة الزنج سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة، وقد راح ضحية هذه الثورة استشهادًا الإمام الرياشي، وأقام هو وعمه الحسن الذي كان يعنى بأمره منذ نشأته بعمان لفترة قدرت باثني عشر عامًا، عاد بعدها إلى البصرة حين استقرت الأحوال بها.
ثم رحل إلى فارس، وصحب هناك ابني ميكال، وألف لهما كتابه المشهور "الجمهرة" في اللغة، وقلداه ديوان فارس، فكانت كتب فارس تصدر عن رأيه وتوقيعه، وحفظ لهما الجميل فمدحهما بمقصورته التي اشتهرت واذع صيتها، وتعرض لها الأدباء والعلماء بالشرح والتلعيق، وقد وصله ابنا الميكال بعشرة آلاف درهم. وقد استفاد إلى جانب ذلك من عمله بالديوان أموالًا طائلة، ولكنه أنفق ذلك كله لكرمه وسخائه ...
وحين عزل ابنا الميكال عن عملها سنة ثمان وثلاثمائة تحول عن فارس إلى بغداد، وكانت شهرته قد سبقته إليها، وهناك عرف الناس فضله وقدره، فقربه إليه الإمام المقتدر وأجرى عليه رزقًا لم ينقطع عنه إلى حين وفاته سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
1 / 915
منزلته العلمية:
بلغ ابن دريد منزلة رفيعة في الأدب والعلم واللغة والشعر، قال عند بعض العلماء فيما يرويه الدميري في كتابه حياة الحيوان: ابن دريد أعلم الشعراء وأشهر العلماء.
وحكى عنه ابن خلكان: أنه كان واسع الرواية، لم يرد أحفظ منه، كان يقرأ عليه دواوين العرب فيسابق إلى إتمامها من حفظه.
وقال عنه المسعودي في مروج الذهب: كان ابن دريد ببغداد ممن برع في الشعر وانتهى في اللغة، وقام مقام الخليل بن أحمد، وأورد أشياء في اللغة لم توجد في كتب المتقدمين، وكان يذهب في الشعر كل مذهب.
ويدل على براعته في الشعر مقصورته التي مدح بها ابني ميكال، وسميت بالمقصورة لأن أبياتها جميعًا تنتهي بألف مقصورة، وقد شرحت هذه القصيدة ونشرت عدة مرات.
ومن شراحها ابن هشام اللخمي، والإمام أبو محمد عبد الله محمد بن جعفر القزاز، كما عارضها جماعة من الشعراء منهم أبو القاسم علي بن محمد بن داود التنوخي.
ويدل على براعته في اللغة كتاب الجمهرة، وهو قاموس كبير، وكتاب الخيل الكبير وكتاب الخيل الصغير، وكتاب السلاح، وكتاب الأنواء، وله كتاب الاشتقاق الذي ألفه بدافع الغيرة القومية. كما تقول دائرة المعارف الإسلامية، فقد ألفه ضد الشعوبية.
وله قصيدة في اللغة تدور حول المقصور والممدودة في اللغة تتكون من خمسة وخمسين بيتًا، يحتوي كل بيت على كلمتين إحداهما مقصورة والأخرى ممدودة. وقد شرح ابن هشام اللخمي هذه القصيدة شرحًا وافيًا وقام بتحقيق هذا الشرح أخيرًا ونشره في كتاب الأستاذ مهدي عبيد عباس. بكلية الآداب جامعة بغداد
1 / 916
راجع مجلة المورد العراقية، وتبرز أهمية هذه القصيدة. كما يقول المحقق. إلى أنها جمعت الكلمات المقصورة والممدودة المتشابهة والتي قد تكون بمعنى واحد أو بمعنى مختلف. كما تبين عن مقدرة ابن دريد اللغوية والشعرية.
ولابن دريد مؤلفات أخرى تبنى عن علمه وفضله وأدبه مثل كتاب غريب القرآن، وكتاب المجتني، وكتاب الوشاح.
وقد تلقى على يديه العديد من التلاميذ الذين أصبحوا أعلام عصرهم ونبهاء وقتهم فمن هؤلاء الذين استفادوا بعلمه السيرافي والمرزباني وأبو الفرج الأصبهاني .. وناهيك بهؤلاء الأعلام الذين قدموا للعربية أيادي بيضاء لا تنكر، وأبانوا بما ألفواه عن أستاذهم وفضله، ويعدون امتدادًا لفضله وأثره.
ومن غرر شعره قوله في الغزل:
(غراء لو جلت الخدود شعاعها ... للشمس عند طلوعها لم تشرق)
(غصن على غصن تأود فوقه ... قمر تألق تحت ليل مطبق)
(لو قيل للحسن احتكم من بعدها ... أو قيل خاطب غيرها لم ينطق)
(وكأنها من فرعها في مغرب ... وكأننا من وجهها من مشرق)
(تبدو فيهتف للعيون ضياؤها ... والويل حل بمقلة لم تطبق)
وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:
(فوا حزني إلا حياة لذيذةً ... ولا عمل يرضى به الله صالح)
وقيل إنه كان آخر كلامه قبل أن يقبض.
وعسى الله أن يرحمه بسبب ذلك ويتجاوز عما كان النقاد يتحدثون به عنه من أنه كان ميالًا للشراب مفرطًا فيه.
ولابن دريد إلى جانب براعته العلمية والأدبية ملكة في النقد، تدل عليها القصة الآتية التي وردت في غير مصدر بروايات مختلفة.
قال المرزباني: قال لي ابن دريد: سهرت ليلة، فلما كان آخر الليل رأيت رجلًا دخل علي في المنام، فأخذ بغضادتي الباب، وقال: أنشدني أحسن ما قلت في الخمر. فقلت: ما ترك أبو نواس لأحد شيئًا.
1 / 917
فقال: أنا أشهر منه.
قلت: من أنت؟
قال: أبو ناجية من أهل الشام، ثم أنشدني:
(وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... أتت بين ثوبي نجرس وشقائق)
(حكت وجنة المعشوق صرفًا فسلطوا ... عليها مزاجًا فاكتست لون عاشق)
فقلت له: أسأت.
فقال: ولم؟
فقلت: لأنك قلت وحمراء، فقدمت الحمرة، ثم قلت: بين ثوبي نرجس وشاقئق فقدمت الصفرة.
فقال: ما هذا الاستقصاء في هذا الوقت يا يغيض؟ وهي وجهة نظر يمكن مناقشتها والرد عليها وباب التذوق واسع لم يغلق بعد.
هذا وكتاب الملاحن الذي بين أيدينا الآن يشهد للرجل بعلو الباع والتبحر في اللغة والرواية.
وقد أصيب ابن دريد بالفالج في آخر حياته، وحين توفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة عن عمر يقارب القرن من الزمان رثاه تلميذه الأديب جحظة البرمكي بقوله:
(فقدت بابن دريد كل فائدة ... لما عدا ثالث الاحجار والترب)
(وكنت أبكي لفقد الجود منفردًا ... فصرت أبكي لفقد الجود والأدب)
1 / 918
كتاب الملاحن
تأليف الإمام العالم العلامة البحر
الفهامة فريد عصره ووحيد دهره لسان العرب
وترجمان الأدب الإمام أبي بكر محمد بن
الحسن بن دريد الأزدي
سقى الله عهد صبب الرحمة
والرضوان وأسكنه
بحبوحة الجنان
بمنه وكرمه
1 / 919
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، يا رب العالمين.
قال أبو بكر محمد بن دريد: الحمد لله الأول في ديمومته، الآخر في أزليته، الواحد في ملكه، الفرد في سلطانه، العالي في دنوّه، القريب في علوّه، وصلى الله على محمد بشيري الرحمة ومصباح الهدى، والمنقذ من الضلالة والعمى.
هذا كتاب الفناه ليفزع إليه المجبر [المضطهد] على اليمين المكره عليها، فيعارض بما رسمناه ويضمر خلاف ما يظهره، ليسلم من عادية الظالم ويتخلص من جنف الغاشم، وسميناه كتاب "الملاحن" واشتققنا له هذا الاسم من العربية الصحيحة التي لا يشوبها الكدر ولا يستولي عليها التكلف، وما توفيقنا إلا بالله.
ومعنى قولنا الملاحن لأن اللحن عند العرب الفطنة، ومنه قول النبي ﷺ "لعل أحدكم ألحن بحجته" أي أفطن لها وأغوص عليها، وذلك أن أصل اللحن
1 / 921
أن تريد الشيء فتورِّي عنه بقول آخر، كقول الأسير في بكربن وايل حين سألهم رسولًا إلى قومه فقالوا: لا ترسل إلا بحضرتنا لأنهم كانوا أزمعوا غزو قومه، فخافوا أن ينذر عليهم، فجيء بعبد أسود، فقال له: أتعقل؟ قال: نعم إني لعاقل، قال: ما أراك عاقلًا، [قال: بلى] قال ما هذا؟ وأشار بيده إلى الليل. قال: هذا الليل.
قال: أراك عاقلًا. ثم ملأ كفه من الرمل. فقال: كم هذا؟ فقال: لا أدري وإنه لكثير. فقال: أيما أكثر النجوم أو النيران؟ فقال كل كثير. قال: أبلغ قومي التحية، وقل لهم: ليكرموا "فلانًا". يعني أسير كان في أيديهم من بكر. فإن قومه لي مكرمون، وقل لهم: إن العرفج قد أدبي، وقد شكت النساء، ومرهم أن يُعَرُّوا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبها وأن يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت لكم حيسًا واسألوا "الحارث" عن خبري.
فلما أدى العبد إليهم الرسالة قالوا: قد جن الأعور، والله ما نعرف له ناقة
1 / 922
حمراء ولا جملًا أصهب، ثم سرَّحوا العبد، ودعوا "الحرث" فقصوا عليه القصة، فقال: قد أنذركم.
أما قوله: أدبي العرفج، يريد أن الرجال قد اسلَمُّوا ولبسوا السلاح، وقوله: شكت النساء، أي اتخذت الشكا للسفر، وقوله: الناقة الحمراء. أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصمان وهو الجمل الأصهب، وقوله: أكلت معكم حيسًا، يريد أخلاطًا من الناس قد غزوكم، لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط فامتثلوا ما قال، وعرفوا لحن كلامه. فأخذ هذا المعنى أيضًا رجل كان أسيرًا في بني تميم فكتب إلى قومه شعرًا:
(حلوا عن الناقة الحمراء ارحلكم ... والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا)
(إن الذئاب قد أحضرت برائنها ... والناس كلهم بكر إذا شبعوا)
يريد أن الناس كلهم إذا أخصبوا أعداء لكم كبكر بن وايل.
وقيل لمعاوية إن عبد الله بن زياد يلحن في كلامه فقال: أو ليس بظريف؟ ابن أخي يتكلم بالفارسية.
1 / 923
فظن معاوية أن الكلام بالفارسية لحن إذا كان معدولًا عن جهة العربية، وقال "الفزاري":
(وحديث ألذه هو مما ... ينعت الناعتون يوزن وزنا)
(منطق صائب ويلحن أحيانًا ... وخير الحديث ما كان لحنا)
يريد أنها تعرض حديثها فتزيله عن جهته، فجعل ذلك لحنًا، فأما اللحن في العربية فهو راجع إلى هذا لأنك إذا قلت: ضرب عبد الله زيد، لم يدر أيهما الضارب ولا المضروب، فكأنك قد عدلته عن جهته، فإذا أعربت عن معناك فهم عنك فسمي لحنًا لأنه يخرج على نحوين وتحته معنيان، وسمي الإعراب نحوًا لأن أصل النحو قصدك الشيء، تقول: نحو كذا وكذا أي قصدتهن فالمتكلم بالإعراب ينحو الصواب أي يقصده.
١ - فمن الملاحن قولك والله ما سألت فلانًا حاجة قط، والحاجة ضرب من الشجر له شوك والجمع حاج. قال الراجز:
١ - فمن الملاحن قولك والله ما سألت فلانًا حاجة قط، والحاجة ضرب من الشجر له شوك والجمع حاج. قال الراجز:
1 / 924
(خلت القذى الحايل من حجاجها ... من حسك التلعة أو من حاجها)
٢ - وتقول: والله ما رأيت فلانًا قط ولا كلمته. فمعنى رأيته: ضربت رئته، ومعنى كلمته: جرحته قال الشاعر:
(يفدي بأمَّيه العرادة بعدما ... نجا وضواحي جلده لم تكلم)
أي لم تجرح. العرادة اسم فرسه، وضواحي جلده: ما ظهر منه، ولم تكلم: لم تجرح [ويعني بأميه: أمه وخالته]: [وقال أبو بكر الصديق ﵁ يرثي النبي ﷺ:
(أجدك ما لعينك لا تنام ... كأن جفونها فيها كلام)]
٣ - وتقول: [والله] ما بطنت فلانًا، أي ما ضربت بطنه. قال الراجز: إذا ضربت موقرًا فابطن له [فوق قصيراء ودون الجلة] أي اضرب بطنه.
٤ - وتقول: والله ما أعلمت فلانًا ولا أعلمني، أي ما جعلته أعلم: ما شققت شفته العليا.
1 / 925
وتقول: والله ما أخذت من فلان خفًا ولا نعلًا، فالخف من أخفاف الإبل والنعل القطعة من الحرة. قال الشاعر:
(فدى لا مرى والنعل بيني وبينه ... شفى غيم نفسي من رؤوس الحوائر)
بطون من عبد القيس:
٦ - وتقول: والله ما لفلان عندي جارية ولا اغتصبته إياها. تعني سفينه.
٧ - وتقول: والله ما أملك كلبًا ولا فهدًا، ولا أعرف لهما موضعًا، فالكلب المسمار من قائم السيف. قال الشاعر:
(توسمت كلبيه فقلت لصاحبي ... هما شاهدًا عدل له فتوسما)
والفهد مسمار في وسط الرجل. قال الراجز:
(كأن نابيه من التغرير ... صرير فهد واسط جديد)
٨ - وتقول: والله ما أخذت منه شعيرة فما فوقها، والشعيرة: رأس المسمار من الفضة أو الحديد في قائم السيف. قال الراجز:
1 / 926
(كأن وكت عينه الضريرة ... شعيرة في قايم مسمورة)
[الوكت الأثر في الشيء، وكت في الأرض ونكت]، وقال آخر:
(كأن نكت عينه المكوكبة ... شعيرة في قايم مركبة)
٩ - وتقول: والله ما عندي صقر ولا أملكه، والصقر: دبس الرطب [والصقر لبن حامض أشد حموضته تكون].
١٠ - وتقول: والله ما كسرت لفلان سنًا ولا ضرسًا، فالس قطعة من العشب تتفرق في الأرض، والضرس: قطعة من المطر تقع متفرقة في الأرض، والجمع الضروس، والسن عند بعض العرب: الثور الوحشي. قال الراجز:
(يخور فيها كخوار السن)
١١ - وتقول: والله ما خربت لفلان ر حى ولا طاحنًا، فالرحى من رحى الأضراس. والرحى أيضًا: ككرة البعير قال الشاعر:
(رحى حيزومها كرحى الطحين)
1 / 927
١٢ - وتقول: والله ما أخذت من فلان جبة ولا لبستها، فالجبة (١) جبة السنان، وهو الموضع الذي يدخل فيه رأس الرمح، والجبة أيضًا مدخل رأس الرسغ في الحافز.
١٣ - وتقول: والله ما كنت عاملًا قط ولا أصلح لذلك، فالعامل قدر الذراعين من أعلى الرمح [قال الراجز:
واطعن النجلاء تهرى وتهر ... لها من الجوف رشاش منهمر
وثعلب العامل فيها منكسر]
١٤ - وتقول: والله ما كنت ساعيا قط ولا أصلح لذلك، فالساعي الذي يلي الصدقات. قال الشاعر:
يأيها الساعي على غير قدم ... تعلما أن الدواة والقلم
تبقى وتودي ما كتبت بالغنم
[أي ما كتبت في الصحيفة].
١٥ - وتقول: والله ما كتبت له ولا عرفت له كاتبها من قولهم: كتبت
1 / 928
الإدارة وغيرها إذا أخرزتها، وكتبت البغلة إذا ضممت أشعريها بحلقة. قال الشاعر:
لا تأمن فزاريا خلوت به ... على قلوصك واكتبها بأسيار
[وقال ذو الرمة:
ونزا عرفيه اثأى حوارزها ... مشلشل ضيعته بينها الكتب]
١٦ - وتقول: والله ما دخلت لفلان بيتًا ولا رأيت له بيتًا، فالبيت القبر. قال الشاعر: [وصاحب ملحوب فجعنا بيومه] وعند الرداع بيت آخر كوثر.
1 / 929
والبيت أيضًا المرأة قال الراجز:
(مالي إذا أجد بها صأمت ... أكبرٌ قد غالني أم بيت)
١٧ - وتقول: والله ما نصح فلان فلانًا ولا يحسن أن ينصح، والنصح: الخياطة، والمنصحة: الإبرة، والنصاح: الخيط الذي يخاط به.
١٨ - وتقول: والله ما أخذت لفلان رداء ولا أملك رداء، والرداء: السيف قال الشاعر:
(ويوم يبيل النساء الدما ... جعلت رداءك فيه خمارًا)
[يبيل النساء أي تسقط من هول ذلك اليوم حملها].
١٩ - وتقول: والله ما أخذت لفلان بزًا وماله عندي بز، ولا أملكه، فالبر: السلاح. قال الشاعر:
(ولا بكهام بزُّه عن عدوه ... إذا هو لاقى حاسرًا ومقنعًا)
1 / 930
٢٠ - وتقول: والله ما ظلمت فلانًا ولا غيره، أي ما سقيته ظلمًا، وهو اللبن قبل أن يروب. قال الشاعر:
(وأهون مظلوم سقاء مروب)
٢١ - وتقول: والله ما أخذت من فلان حليًا ولا رأيته، والحلي: ضرب من النبت وهو يبيس النصي [ضرب من النبت ما دام رطبًا فهو نصي، فإذا يبس فهو حلي].
٢٢ - وتقول: والله ما أعرف لفلان ليلًا ولا نهارًا، فالليل ولد الكروان، والنهار ولد الحبارى.
٢٣ - وتقول: والله ما أملك حمارًا ولا أخذت من فلان حمارًا قط والحمار أحد الحجرين اللذين تنصب عليهما العلاء، وهي صخرة رقيقة يجفف عليها الاقط. قال الراجز:
(لا تنفع الشاوي فيها شاته ... ولا حماراه ولا علاته)
1 / 931
[إذا إعلاه اقتربت وفاته]
٢٤ - وتقول: والله ما رأيت له أتانًا قط ولا أخذتها منه، والأتان: صخرة تكون في بطن الوادي تسمى أتان الضحل [والضحل: الماء الذي تبين فيه الأرض].
٢٥ - وتقول: والله ما عندي جحشة، ولا أملكها، فالجحشة الصوف الملتف كالحلقة يضعها الرجل في ذراعه يغزلها.
٢٦ - وتقول: والله ما أخذت له دجاجة ولا فروجًا. فالدجاجة: الكبة من الغزل والفروجة: الدراعة.
٢٧ - وتقول: [والله] ما أعرف لفلان طلعة ولا وجهًا، فالطلعة من طلع النخل، والوجه الناحية التي يقصدها ..
٢٨ - وتقول: [والله] ما أخذت لفلان بقرة ولا ثورًا، فالبقرة: العيال الكثيرة، يقولون: جاء يسوق بقرة أي عيالًا [كثيرًا] والثور القطعة العظيمة من الأقط.
٢٩ - وتقول: والله ما أخذت من فلان حملًا ولا عنزًا، فالحمل: السحاب الكثير الماء. قال الشاعر:
1 / 932
[(سح نجاء الحمل الأسول)
والأسول: السحاب الكثير الماء، والعنز: الأكمه الأسوداء: قال الراجز:
(وارم أخرس فوق عنز)
قال أبو بكر: احرس. رواية أهل البصرة، وهو الذي مضى عليه الحرس والحرس: الدهر ورواية البغداديين: أخرس، وهو الذي لا يتكلم، والآرام: اعلام تنصب من حجارة يهتدى بها].
٣٠ - وتقول: والله ما ضربت له بطنًا ولا ظهرًا، فالباطن: الغامض من الأرض، والظهر المرتفع من الأرض.
٣١ - وتقول: والله ما كسرت لفلان قناة ولا أخربتها، فالقناة قناة الظهر، والقناة الواحدة من القنا.
٣٢ - وتقول: والله ما سببت له أمًا ولا جدًا ولا خالًا. فالأم أم الدماغ، والجد: الحظ، والخال: الأكمة الصغيرة.
1 / 933
٣٣ - وتقول: والله ما أخذت لفلان قلوصًا ولا رأيتها. فالقلوص: فرخ الحبارى: قال الشاعر:
(قلوص حبارى ريشها قد تمورا)
٣٤ - وتقول: والله ما ضربت لفلان يدًا ولا رجلًا، فاليد واحد الأيادي المصطنعة، والرجل القطعة من الجراد. قال الشاعر:
(فإن لم أصبحكم بها مسيطرة ... كما زهت النكباء رجل جراد)
٣٥ - وتقول: والله ما رأيت لدابتك سوادًا ولا بلقا، فالسواد: الخيال تراه بالليل والبلق: الفسطاس.
٣٦ - وتقول: والله ما رأيت لفلان حصيرًا ولا جلست عليه، فالحصيرة: اللحمة المعترضة في جنب الفرس، ترى حجمها إذا هزل، والحصير أيضًا الملك. قال الشاعر:
(ومقامة غلب الرقاق كأنهم ... جن لدى باب الحصير قيام)
٣٧ - وتقول: والله ما أخبرت فلانًا بشيء [معنى أخبرت]: اي ما فعل بي ذلك.
1 / 934