مکاید مینه په ملوکو کورونو کی
مكايد الحب في قصور الملوك
ژانرونه
وبسقوط الإمبراطورية في فرنسا زال عهد عظمة الكونتس، وأخذت منزلتها الرفيعة في السقوط والهبوط. على أنها تحملت هذا الانقلاب بالصبر والتسليم قانعة أن تعيش بذكرى أيام عزها وانتصارها. أما الشيء الوحيد الذي لم يسعها الصبر عليه فهو فقد جمالها، وكان جمالها في هذا الوقت قد مالت شمسه إلى الغياب، وشرع ظله يزول ولونه يحول. وراعها جدا أن ترى نفسها مهددة يوما بعد يوم بفقد شعرها الجميل وأسنانها الدرية ونضارة محياها البهيج، وأخذت قامتها التي كانت مثال الهيف والرشاقة والاعتدال تعوج وتذبل وتتقلص. وطفقت كثيرات من حواسدها يشتفين ولو سرا بما فعلته يد الأيام «بملكة الجمال».
وكان أمر غصة تجرعتها في كأس إذلالها وتحقيرها عجزها عن غل يد الزمان، ومنعها عن هدم صرح جمالها. وأقل ما استطاعته في هذا السبيل أن تحول دون إطلاع الناس على ذبول غصن حسنها وأفول بدر بهائها. فصارت تمتنع شيئا فشيئا من حضور الاحتفالات والاجتماعات، ومالت إلى الانفراد والاعتزال. وطالت الفترات بين زياراتها حتى لأعز أصدقائها وصديقاتها. ويروى عن عقيلة والسكا أن جاريتها جاءت إليها قائلة إن في الباب سيدة تروم مقابلتها، وقد أبت أن تبوح باسمها، فهرعت لاستقبالها ودعتها إلى الدخول، وكانت محجبة وفي يدها طاقة أزهار، فلم تتمكن من معرفتها، فقالت لها السيدة: «علمت أن اليوم عيد ميلادك فجئتك مهنئة ومهدية إليك هذه الأزهار.» قالت هذا وهمت بالانطلاق، فعرفتها عقيلة والسكا من صوتها، وقالت لها: «تمهلي قليلا ولا تعجلي في الذهاب. أزيحي نقابك ودعيني أرى وجهك.» فترددت الكونتس غير جاسرة على السفور تفاديا من اطلاع صديقتها القديمة على التغيير الملم بوجهها الشاحب، ولكنها تغلبت على ضعفها وسفرت. فلما رأتها عقيلة والسكا صاحت: «إنك لا تزالين مزدانة بجمالك الباهر الفتان! فادخلي ودعي جميع الذين عندي يتملون مشاهدة هذه المحاسن الساحرة.» فانقادت الكونتس آخر مرة إلى سلطان التملق والغرور ودخلت إلى البهو الخاص بالزائرين والزائرات، وهؤلاء جميعهم شنفوا أذنيها بما شاءت من التغزل بحسنها وجمالها.
ولكنها في صباح اليوم التالي نظرت في مرآتها الصادقة التي لا تعرف الملث والنفاق، فأرتها حقيقة نفسها ونبأتها أن جمالها استقل جناحي نعامة، وطار ولم يبق لعينه إلا شيء قليل من الرسوم والآثار. وحينئذ ربعت على ظلعها وعزمت على القبوع في منزلها وعدم الخروج منه، وأبت أن تستقبل أحدا ما عدا بعض الأصدقاء الأخصاء، وفي مقدمتهم الجنرال إستنسلين.
وعلى توالي السنين تقوض صرح جمالها ولم يبق له أقل أثر. وكان لها في باريس عدة منازل فخمة لم تطأ رجلها واحدا منها منذ أكثر من عشرين سنة، وكان عندها مركبات فاخرة وجياد كريمة معدة لها، ولكنها لم تستخدمها قط. وكانت من وقت إلى آخر تخرج متنكرة في ظلام الليل وتنطلق ماشية إلى شارع كستليون وتلبث بضع دقائق شاخصة إلى الجدران التي قضت داخلها سني عزها ومجدها، ثم تعود أدراجها إلى منزلها في «بلاس فندوم»، حيث قضت أيامها في عزلة وشقاء داخل أبواب مغلقة ونوافذ موصدة على نور مصباح ضئيل لا يقوى على تمزيق حجب الظلام.
ولما شعرت بأن الموت قادم ليريحها من حياة هي شر من الوفاة كتبت إلى صديقها الحميم إستنسلين: «أرجو ألا تنسى ما أوصيتك به. أروم جنازة بسيطة خالية من آثار البهارج والزخارف؛ لا أزهار ولا صلاة في كنيسة ولا مشيعين على الإطلاق. وأرجو أن تحول دون كتابة شيء عني، وأن ترد إلي صوري.» وهذه الأمور كررت ذكرها في وصيتها. فقد ظلت ثلاثين سنة محجوبة عن العالم، وأرادت أن تبقى كذلك في موتها.
وكانت وفاتها بالسكتة الدماغية في اليوم الحادي والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1890، ودفنت في مقبرة «بير لاشير». وإلى اليوم يرى زائر هذه المقبرة صفيحة من حجر الغرانيت فوق الرمس الذي توارت فيه أجمل امرأة كانت في عصرها.
ملكة مشعوذة
آسرة القلوب برقتها ولطفها، وموغرة الصدور غيظا من قساوتها وعنفها، عالمة نحريرة وخرقاء حمقاء، وسياسية ربة حنكة ودربة، ومجانة سليطة اللسان وكثيرة الهذر والهذيان. هكذا كانت خرستينا ملكة أسوج، وسيبيل
1
القرن السابع عشر وسميراميسه. فكانت حياتها حافلة بالمتناقضات التي راعت أوروبا من جهة وساءتها من جهة أخرى. وهذه الحوادث التي هي أغرب ما يرويه التاريخ عن ملكات العالم تترك في نفس من يطالعها أثرا عميقا ممزوجا من العجب والاشمئزاز.
ناپیژندل شوی مخ