مکاید مینه په ملوکو کورونو کی
مكايد الحب في قصور الملوك
ژانرونه
فوقعت في حيرة وارتباك لا مزيد عليهما؛ لأنها كانت من جهة مهددة بإفشاء سر لو ذاع لقضى عليها وعلى زوجها بعار وشقاء مدة حياتها. وكانت من جهة أخرى مضطرة أن تصير آلة في يد شر إنسان تحت السماء. وبعد التأمل اختارت الأمر الثاني، وفازت الآنسة «جني دي لانج» بالحصول على مساعدة صديقة تمهد لها سبيل الوصول إلى ما عللت نفسها بإحرازه.
ولم تقصر الكونتس في شيء من المساعدة التي وعدت بها. فعرفت «الآنسة دي لانج» لجميع صديقاتها وأصدقائها حتى للأسرة المالكة، وأطنبت في إطرائها ووصف فضائلها، وأذكت في القلوب نار الرأفة بها والشفقة عليها، وتمكنت من حمل الحكومة على منحها راتبا سنويا ومسكنا في قصر فرسايل، وغيرهما من المنح والامتيازات، ولكنها لم تستطع أن تساعدها على تحصيل شيء من ملايين دي لانج؟ أما المخاوف التي كابدتها الكونتس في هذه الأثناء من احتمال إفشاء عشيقها السابق لسر عارها مدفوعا إليه بعامل اليأس من نيل ما كان يرجوه - هذه المخاوف التي كانت تتجرع غصة عذابها كل ساعة - فإني أتركها لتصور القارئ. ولم تكن أهوال معيشتها في همبورغ شيئا مذكورا في جنب عذاب الفكر الذي قاسته في هذا الوقت العصيب الرهيب.
على أن «الآنسة جني» وفت بوعدها لكتمان السر، ولم تقتصر على الاحتفاظ به، بل أعانت الكونتس على التمكن من مساعدتها بتكلف الظهور فيما وصفتها به من الصفات الحميدة، فمثلت فصل امرأة مظلومة مقهورة أحسن تمثيل، وحذقت كثيرا من الأعمال الخاصة بالنساء كالطبخ والخياطة والتطريز وغيرها، وأتقنت صناعة مغازلة الرجال ومراودتهم. واستمالت إليها قلوب كثيرات من السيدات الشريفات بما كانت تبديه أمامهن من سعة الصدر وحسن الصبر على تحمل مصاب فقرها بالشكر.
ولكن من المحال أن تدوم الحال على هذا المنوال؛ لأن الكونتس سئمت الإقامة على هذا الذل الشائن، فأطلعت زوجها على سر حياتها الماضية واستودعت نفسها صفحه ورحمته، وتمكنت من تحطيم قيود الاستكانة والانقياد إلى مشيئة ذلك الوغد الزنيم، وأغلقت دونه أبواب قصرها وأبواب قصور أصدقائها الواحد بعد الآخر.
فلما رأى ما حدث وتحقق إفلات فريسته من يده اضطر إلى التسليم بالواقع، ولم يبق له أقل حول أو طول على أن ينال الكونتس بالأذى، وشعر بخطر القبض عليه ووقوعه في يد الحكومة. ومن ذلك الحين تملكه القلق والاضطراب وعدم القرار في محل واحد، فأخذ يجول من مكان إلى آخر، والتزم العزلة والانفراد واجتناب معاشرة الناس، وكانت خاتمة حياته وغرابة أطواره على الوجه الذي سبق بيانه حين عرف الناس أن الآنسة جني سفليت دي لانج المقيمة في شارع مارشه الجديد إنما هي رجل.
اختفاء أرشديوق
ما أكثر القصص التي تروى عن أمراء هاموا بحب فتيات دونهم حسبا ونسبا، وفي سبيل محبتهم لهن ضحوا بكل عزيز وغال من زخارف الملك وبهارج العظمة والجلال. ولكن هذه القصص كلها مع ما فيها من غرائب الحوادث ومدهشات الوقائع ليست شيئا يستحق الذكر بالنسبة إلى قصة جوهان سلفاتور أرشديوق النمسا التي لا تزال حوادثها إلى الآن مدعاة الدهشة والاستغراب، ولا يبرح سرها مودعا زوايا الغموض والخفاء. ولا ينفك الفصل الأخير منها غير مكتوب، ومن يتح له أن يعيش ويقرأه فسوف يرى فيه حوادث أعجب وأغرب من حوادث الفصول السابقة.
كان جوهان سلفاتور ابن الغراندوق ليوبولد وأقرب نسيب إلى إمبراطور النمسا، وقد ولد وفي عروقه أشرف دم ملكي، وأعد له القدر أن يتمتع فيما بعد بتراث سني مجيد، ومهد له دخول أسمى مقام يزينه عرش معدود من أفخم عروش العالم. وفي حداثته لاحت عليه مخايل نجابة ونبالة بشرت بأنه سيكون أسطع كوكب في سماء هذا المقام؛ فقد رزق أكبر قسط من جمال الطلعة وذكاء العقل ونباهة الشأن، ومنذ صغره سمت به نفسه لأن يكون عالما كبيرا وجنديا شهيرا. وقد أوتي ملكة تعلم اللغات وقريحة وقادة في نظم الشعر، ونبوغا فائقا في الموسيقى وتضلعا في العلوم الطبيعية. ولكنه أولع على الخصوص بعلم الحرب، وقبلما بلغ أشده كان ملما بأكثر القواعد والمسائل المتعلقة بهذا العلم.
وكان خيرا له أنه لو اجتنب التعرض للشئون العسكرية؛ لأنه كان كلما أوغل في الدرس والبحث والتقصي يزداد سخطا وكراهة للطرق العسكرية القديمة المستخدمة في بلاده. ولم يضره ذلك لو أنه كتم آراءه أو استعمل الحكمة والكياسة في إعلانها، ولكنه لسوء الحظ لم يكتمها ولا لزم خطة الاعتدال في نشرها؛ فقد طبع على الثورة والإصلاح. وكان نظير كثيرين ممن هم كذلك لا يتأنى في وضع آرائه، بل يندفع مستعجلا محتدا في عرضها وإذاعتها. وأول خطأ ارتكبه في هذا القبيل نشره رسالة انتقد فيها المدفعية النمسوية، وحمل أشد حملة على نظامها مبينا ما فيه من العيوب الفاضحة، فحمي غيظ قادة المدفعية وكبار ضباطها من هذا الانتقاد الجارح، حتى اضطر الإمبراطور نفسه أن يوبخه على طيشه وتهوره.
ولكن الأمير جوهان لم يكترث لحنق القادة واستياء الإمبراطور، وخيل إليه أنه مرسل لإصلاح الجيش النمسوي، ولا بد من تأدية هذه الرسالة. وبعدما نشر رسالته المشار إليها طبع كتابا عنوانه «التدريب والتمرين» انتقد فيه خطط النمسا الحربية انتقادا هتك فيه ستر عيوبها ونقائصها من أولها إلى آخرها. فلما انتشر هذا الكتاب أحدث رجة هياج في البلاد، فوقع أحسن وقع عند عامة الشعب وصغار الضباط، وانقض كالصاعقة على بلاط الملك ووزارة الحربية، وأثار في النفوس دهشة وغيظا لا يعبر عنهما بالكلام. وأخذ قادة الجيش وكبار ضباطه يتساءلون قائلين أما من وسيلة لكسر يراع هذا الثائر وقطع لسانه؟
ناپیژندل شوی مخ