مکاید مینه په ملوکو کورونو کی
مكايد الحب في قصور الملوك
ژانرونه
هورتنس دي مانشيني
وشرعت تعبث بقلوب الرجال وهي بعد في هذه السن. وكان أرمان دي لابور ابن المارشال مليراي أول من أسره حبها وسحره حسنها، وهي كما قلنا ابنة عشر سنوات. وأقسم ليعتزلن العالم إلى صومعة إن لم يتمكن من الاقتران بها. ومما قاله حينئذ وهو يهذي من حمى الوجد والغرام: «إن تم لي ما أروم وصارت زوجة لي فلا أبالي إن مت بعد ذلك بثلاثة أشهر!» ولكن الكردينال أبى عليه ذلك، ولم يرض به زوجا لابنة أخيه.
ولم يكن دوق سافوي شارلس عمانوئيل بأحسن حظا من أرمان، فإنه شخص إلى باريس ليخطب أشرف فتاة في فرنسا؛ أي شقيقة الملك. ولكنه لما رأى هورتنس أغمض عينيه عن الأميرة وحصر سعيه في الحصول على ابنة أخت الكردينال، وإلا عاد من حيث أتى ولم يطلب غيرها. وكاد يظفر بما أراد؛ لأن مازارين لم يطمع بزوج لابنة أخته أشرف منه، ولكن الدوق اشترط شروطا لم يقبلها الكردينال. وهكذا نراها وهي في مطلع صباها تزاحم لخطبة ودها وطلب يدها شبان يحسدها عليهم أشرف فتيات فرنسا.
وكان لويس نفسه وأخوه الدوق دي أنجو ممن تصباه هواها وتيمه جمالها، وكانت تطارحهما كليهما الوجد والغرام، وتبالغ في إخضاعهما لسلطان غنجها ودلالها، ولو شاءت لاستطاعت الاقتران بأيهما أرادت. ولما يئس لويس من أمل استمالتها إليه وجه التفاته نحو شقيقتها ماري التي كانت دونها حسنا وبهجة، ولكنها أرق منها جانبا وألين عريكة.
ولما بلغت هورتنس أشدها إذ بهلال البهاء الذي طلع في أفق حداثتها قد أشرق في فلك المحاسن بدرا منقطع النظير في كمال جماله وجمال كماله. قال بعض واصفيها: «ليس للون عينيها شبه بين ألوان العيون المألوفة، لم يكن أزرق ولا أشهب ولا أسود، بل كان مزيجا من هذه الألوان الثلاثة. فقد استأثرت حدقتاها بما في العيون الزرق من الطلاوة والحلاوة، وبما في العيون الشهب من السناء والبهاء، وما في العيون السود من تألق النور وتوقد النار، فلم يكن لهما نظير في هذا الجمال المثلث البديع. وكان لابتسامتها قوة على تليين أقسى القلوب، وعلى أنفها سيماء النباهة والنبالة البادية آثارهما على سائر ملامحها. ولها في صوتها رنة عذبة رخيمة تأخذ بمجامع قلوب المنصتين إلى حديثها، وكان لبياض لونها الناصع نقاء وصفاء يتعذر وصفهما، ولشعرها الأسود الناعم جعدة خفيفة أشبه بإكليل جمل مضفور على رأسها الأنيق.» هذا مجمل وصف هورتنس عندما فتحت زهرة صباها وأشرق بدر قسامتها وأصبحت معدودة أجمل فتاة في أوروبا.
ولم يبلغ من كثرة العشاق والمحبين حول غادة حسناء ما بلغ منهم حول هورتنس ابنة أخت مازارين. ومع أن قلبها مال إلى غير واحد منهم فإن خالها الصعب المراس كان يردهم على أعقابهم واحدا بعد الآخر، وبينهم اثنان أتيح لكليهما أن يكونا من أصحاب التيجان؛ وهما بطرس الثاني ملك البرتوغال وتشارلس الثاني ملك إنكلترة. ولو دار في خلد مازارين أن جلوس تشارلس على عرش إنكلترة كان هكذا قريبا، لما عارض في زف هورتنس إليه لتشاركه في لبس تاج الملك، ولكنه لم يتوقع حصول ذلك في وقت قريب، ولا رأى من الصواب أن يتصدى لإغضاب القابضين على أزمة الحكم في لندن في ذلك الحين. وبعد بضعة أشهر بلغه أن تشارلس الذي أبى أن يجيب طلبه لما جاءه خاطبا ابنة أخيه قد ظفر بالاستيلاء على العرش، فبعث إليه من فوره متعمدا يعرض عليه هورتنس ومعها أربعة ملايين جنيه. ولكن هذا العرض جاء متأخرا، فإن تشارلس رفض بلطف وأدب ما سبق وترجى الحصول عليه كشريد طريد.
ولم يجهل مازارين أن أيام حياته أصبحت معدودة، ومن الواجب عليه أن يبادر إلى البحث عن زوج جدير بابنة أخته المحبوبة، التي كانت مزمعة أن ترث أكبر جانب من ثروته. وبعدما أعاد النظر في جميع أسماء الذين تقدموا إلى خطبتها، ورفض قبولهم واحدا بعد الآخر لأسباب مختلفة، انتهى به الأمر في الغربلة والفرز إلى رفض الجميع ما عدا الخاطب الأول المركيز مليراي، الذي رده الكردينال منذ سنوات يتعثر بأذيال الخيبة، ولكنه ظل مقيما على ولائه لهورتنس. وفيما كان مازارين على فراش النزع أجاب طلب المركيز، وحمل الملك على أن يرقيه إلى رتبة دوق دي مازارين، وبعدما فرغ من هذا الأمر أسلم الروح.
وبعد أيام أهدى إليها خطيبها خزانة كبيرة مملوءة بالتحف الغالية والطرف النفيسة. من ذلك اثنا عشر ألف طبنجة صغيرة مصوغة من ذهب، فأهدت جانبا كبيرا منها إلى إخوتها وأخواتها، وألقت بالباقي من نافذة قصر مازارين لتتمتع بمشاهدة عدد كبير من الخدم يزحمون بعضهم بعضا في حديقة القصر لالتقاطها.
وكانت قيمة نصيب هورتنس من تركة خالها لا تقل عن خمسة ملايين جنيه، علاوة على ما يخصها من قصره - قصر مازارين - وما فيه من الطرائف التي لا تثمن. ولكن هذه العروس كانت من أنكد العرائس حظا وأسوأهن طالعا؛ لأن الدوق دي مازارين كان من أقبح شبان فرنسا صورة وأغربهم أطوارا وأقربهم إلى العته والجنون. وكان عرضة لتسلط الغيرة العمياء عليه أو استئثار الهوس الديني به. فما فعله مرة أنه أخذ مطرقة بيده ودخل أروقة قصر مازارين الحافلة بأغلى العاديات وأكرم الآثار القديمة، وشرع يحطم الأنصاب والتماثيل والصور بحجة أنها مغايرة لذوقه. قالت الدوقة: «لم أكلم خادما إلا طرده في اليوم التالي. ولم يزرني أحدهم مرتين إلا منعه من دخول القصر. وإن رآني أفضل إحدى خادماتي على غيرها لأسباب يستوجب التفضيل، أخرجها من خدمتي. ولم يكن يأذن لي في مشاهدة أقربائي ولا أقربائه.» وبهذه وغيرها من أعمال العنف والإرهاق أفعم قلب زوجته غما ويأسا. وقد تحملت غرابة أطواره وقساوته بصبر وجلد نادري المثال. ولكنها لما رأته أضاف إلى هذه الفظائع فظائع أخرى وبدد أموالها بالإسراف والتبذير ومد يده إلى جواهرها وحلاها، هجرته ملتجئة إلى دير أخوات سنت ماري.
وفي هذا الدير وجدت سيدة من نساء الأشراف كان زوجها قد سعى في إدخالها إليه. وما لبثتا أن تعارفتا وشرعتا في مداعبة الراهبات ومشاكستهن تارة بالرقص أمامهن، وطورا بازدرائهن والاستهزاء بهن. ومما فعلتاه مرة أنهما سكبتا حبرا على الماء المقدس ونضحتا الراهبات به. ومرة أخرى شرعتا تركضان في مخادع النوم وتقلقان راحة الراهبات وترشان أسرتهن بالماء. ولما فرغ معين صبر الراهبات عليهن شكون أمرهن إلى الملك، فأمر بنقلهما إلى دير آخر حيث عوملتا بالشدة والعنف.
ناپیژندل شوی مخ