مکاید مینه په ملوکو کورونو کی
مكايد الحب في قصور الملوك
ژانرونه
فقد كان رجلا ساذجا خاليا من جواذب حسن الطلعة ونباهة الشأن، وعلى جانب عظيم من الرزانة والوقار وفي أواخر العقد الرابع من سنه. وقد فجعته المنون منذ عهد قريب بفقد زوجته كريمة اللورد إغمونت. وكان من كبار الأغنياء، ولكنه بدد مقدارا عظيما من ثروته في الإنفاق على بناء الحصون والقلاع، وتجنيد كتيبة من المطوعة للدفاع عن الوطن، واضطر أن يرهن بعض عقاراته. فغادر ما له في ويلس من أملاك ومقتنيات وسار في طيته إلى جنوب أوروبا كئيبا مغموما، ومعه ابنه البالغ عشر سنوات.
فألقى عصا الترحال في فلورنس عاصمة توسكانا الجميلة ذات القصور الباذخة والكنائس الفخمة والحدائق الغناء، وهناك عاش عيشة رجل رث الملبس شحيح الكف غريب الأطوار. والشيء الوحيد الذي كان يرتاض به من وقت إلى آخر، إنما هو ذهابه إلى المسرح لمشاهدة التمثيل. ومن هذا الارتياض الطفيف الضئيل نشأت حوادث هذه القصة الغريبة.
فإنه كان بين ممثلات الأوبرى في فلورنس فتاة امتازت ببهاء باهر وحسن ساحر. وهذا الجمال الرائع البارع صادف من اللورد نيوبورو قلبا خاليا، فتمكن منه وهاج فيه لواعج الغرام بعدما أخمدها مر السنين والأيام، فأمال اللورد أذنا صاغية لصوت الحب الجديد الهاتف في فؤاده، وعلل نفسه بسعادة الحصول على هذه الغادة الحسناء.
وفي ذات يوم جاء الممثلة كتاب فتناوله أبوها وقرأه، ثم أمرها أن تسرع في لبس ثيابها استعدادا لاستقبال زائر. وكان هذا الزائر اللورد نيوبورو. وبعد تكرار الزيارة قال إنه رأى الفتاة في الأوبرى فأعجب بحسنها وجمالها، والآن يروم الاقتران بها. فرفضت الفتاة قبوله رفضا باتا، ولكن أبويها أكرهاها عليه إكراها قائلين لها إن اقترانها برجل غني شريف كهذا يعود بالنفع الجزيل عليها وعليهما. وفي اليوم الحادي والعشرين من شهر فبراير سنة 1786 كتب سفير بريطانيا في فلورنس يقول: «احتفل اليوم بزفاف ابنة شرطي إلى اللورد نيوبورو وهي في سن الثالثة عشرة.»
وعلى رغم ما أبدته الفتاة من المجاهرة برفضها وامتناعها عن قبولها الاقتران برجل يبلغ من العمر ما يبلغه جدها، ظل أبوها وأمها مصرين على وجوب إذعانها لمشيئتهما ولم يصغيا إلى توسلاتها ولا رثيا للدموع الغزيرة التي ذرفتها، وقالا لها: «خلي عنك البكاء والنحيب وافرحي وافخري بأن حسن الحظ أتاح لك الاقتران برجل شريف غني كهذا، يحبك ويحنو عليك ويرفعك إلى رتبة السيدات الشريفات. وكان يجب عليك أن تجثي أمامه على ركبتيك وتقبلي يده، وتشكري له عطفه عليك وإحسانه إليك.» وهكذا تم الاحتفال بزفاف ماريا ستلا شبيني ابنة الشرطي إلى عريسها الكهل في كنيسة سانتا ماريا نوفلا في فلورنس، وأصبحت العروس من ذلك اليوم تلقب بلادي نيوبورو.
ولكن لنرجع بضع عشرة سنة قبل تاريخ هذا الزفاف لنرى في أية حالة ظهرت اللادي ماريا ستلا نيوبورو أول مرة على مسرح حياتها العجيبة الغريبة. ففي قرية مودغليانا في سفح جبال الأبنين فتحت عينيها وشاهدت العالم الحافل بالأسرار الخفية الغامضة. هناك في سجل كنيسة القديس أسطفان مكتوب : «ماريا ستلابترونيلا ولدت أمس لأبيها لورانزو فردينند كيابيني أحد رجال الشرطة، ووالدتها فنشينتا دليجنتي. كلاهما من أعضاء هذه الكنيسة، وعمدت في اليوم السابع عشر من شهر أبريل سنة 1773.»
وكانت ماريا ستلا بكر والديها، وقد ولد لهما بعدها بنون وبنات، وأول شيء تذكره من أيام طفولتها قساوة والدتها عليها وإساءة معاملتها لها، إذ كانت قاصرة محبتها وحنوها على أولادها الآخرين غير مختصة ستلا بشيء منهما على الإطلاق. على أن أباها كان لحسن حظها يرأف بها ويحنو عليها. وقد وجدت نعمة في عيني الكونتس كاميليا بورغي، فكانت تدعوها إليها لتقضي أياما عندها، وتعود حاملة شيئا كثيرا من المنح والهدايا؛ ولهذا شق عليها جدا عندما جاء بها أبوها من قرية مودغليانا إلى فلورنس، حيث ترقى إلى رتبة ضابط الشرط. ولكنها سرت إذ أخذت تتعلم الغناء والرقص، وطفحت كأس مسرتها عندما تسنى لها وهي ابنة عشر سنوات أن تظهر على مسرح الأوبرى. وبعد ذلك بثلاث سنوات ظهرت على مسرح آخر من مسارح هذه الحياة.
ولم تكن تعلم شيئا عن الفصول المزمعة أن تمثلها على المسرح، ولا عما خبئ لها فيه من خير أو شر، فقضت الأيام الأولى بعد اقترانها في خلوة وعزلة منقطعة للنوح والبكاء، لا تكلم زوجها إلا إذا اضطرت للكلام اضطرارا. ولم يرزق اللورد نيوبورو شيئا من أساليب سلامة الذوق وحسن التناول التي يستطيع بها أن يستميل قلب زوجته الفتاة إليه. وكان شديد الغيرة سيئ الخلق متناهيا في الشكاسة وغرابة الأطوار. وإقامته هو وزوجته مع أهلها تحت سقف واحد لم يسفر عنها أقل تحسين في حالة المعيشة، بل زادتها سوءا واضطرابا. وفي ذات يوم نشب في الأسرة خلاف أفضى إلى الملاكمة والمضاربة، فخرج اللورد من البيت وقلبه يصلى لظى الحقد والحنق، ولكن زوجته أبت أن تصحبه، فكتب إليها ينذرها بعزمه على البخع والانتحار إن لم تبادر إلى اللحوق به والسكنى معه، فأجابته عن رسالته بما ترجمته:
عزيزي الشيخ المعتوه، إن أبلغ برهان تستطيع تقديمه على محبتك لي هو أن تعمل بموجب إنذارك .
وكان الصبر على هذه الحالة السيئة متعذرا وخارجا عن طوق الإمكان. ومما زادها حرجا وسوءا في عيني اللورد أن حماه والد زوجته كان لا ينفك ممعنا في إرهاقه وإزعاجه بطلب المال (ثمن قبوله بزفاف ابنته إليه) غير جاعل لمطامعه الأشعبية حدا من الرضا والقناعة. ولما طفح الكيل وطما السيل، ولم يبق في استطاعة اللورد تحمل شيء من هذا الإعنات الفادح، نهض في صباح يوم من صيف سنة 1792، ونفض غبار إيطاليا عن قدميه وذهب بقرينته راجعا إلى ويلس حيث استقبلهما أصدقاؤه وعمال أرضه بحفاوة وترحيب لا مزيد عليهما. ومما قالته لادي نيوبورو في وصف هذا الاستقبال الباهر: «حل المستقبلون خيل مركبتنا وجروها إلى غلينليفون يخفرنا ستمائة رجل. وأقيمت لنا معالم زينة عمت جميع القرى المجاورة والجبال المحيطة، فكانت كلها بارزة في حلل الرياحين والأزهار مزدانة بالأعلام والأنوار. ولم يبق أحد من كبار القوم وأعيان البلاد إلا هرع للسلام علينا، ودامت هذه الاحتفالات متواصلة مدة ستة أشهر.»
ناپیژندل شوی مخ