مجموعه رساله او مسائل

ابن تیمیه d. 728 AH
91

مجموعه رساله او مسائل

مجموعة الرسائل والمسائل

خپرندوی

لجنة التراث العربي

القاتل ولا عقوبة معتد بوجه من الوجوه ولما كان الاحتجاج بالقدر باطلًا في فطر الخلق وعقولهم لم تذهب إليه أمة من الأمم، ولا هو مذهب أحد من العقلاء الذين يطردون قولهم فإنه لا يستقيم عليه مصلحة أحد لا في دنياه ولا آخرته ولا يمكن اثنان أن يتعاشرا ساعة واحدة إن لم يكن أحدهما ملتزمًا مع الآخر نوعًا من الشرع فالشرع نور الله في أرضه وعدله بين عباده لكن الشرائع تتنوع فتارة تكون منزلة من عند الله كما جاءت به الرسل وتارة لا تكون كذلك، ثم المنزلة تارة تبدل وتغير كما غير أهل الكتاب شرائعهم. وتارة لا تغير ولا تبدل، وتارة يدخل النسخ في بعضها وتارة لا يدخل. أما القدر فإنه لا يحتج به أحد إلا عند إتباع هواه فإذا فعل فعلًا بمجرد هواه وذوقه، ووجده من غير أن يكون له علم بحسن الفعل ومصلحته استند إلى القدر كما قال المشركون " لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء " قال الله تعالى: " كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون، قل ولله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين " فبين أنهم ليس عندهم علم بما كانوا عليه من الدين وإنما يتبعون الظن، والقوم لم يكونوا ممن يسوغ لكل أحد الاحتجاج بالقدر فإنه لو خرب أحد الكعبة أو شتم إبراهيم الخليل أو طعن في دينهم لعادوه وآذوه كيف وقد عادوا النبي ﷺ على ما جاء به من الدين وما فعله هو أيضًا من المقدور؟ فلو كان الاحتجاج بالقدر حجة لكان للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه فإن كان كل ما يحدث في الوجود فهو

1 / 90