بسم الله الرحمن الرحيم
إن ذهبنا حفظك الله بعقب هذه الاحتجاجات، وعند مقطع هذه الاستدلالات، نستعمل هذه المعارضة بمناقب الأتراك، والموازنة بين خصالهم وخصال كل صنف من هذه الأصناف، سلكنا في هذا الكتاب سبيل أصحاب الخصومات في كتبهم، وطريق أصحاب الأهواء في الاختلاف الذي بينهم.
وكتابنا هذا إنما تكلفناه لنؤلف بين قلوبهم التي كانت مختلفة، ولنزيد الألفة إن كانت مؤتلفة، ولنخبر عن اتفاق أسبابهم لتجتمع كلمتهم، ولتسلم صدورهم، وليعرف من كان لا يعرف منهم موضع التفاوت في النسب، وكم مقدار الخلاف في الحسب، فلا يغير بعضهم مغير، ولا يفسده عدو بأباطيل مموهة وشبهات مزورة؛ فإن المنافق العليم، والعدو ذا الكيد العظيم، قد يصور لهم الباطل في صورة الحق، ويلبس الإضاعة ثياب الحزم. إلا أنا على حال سنذكر جملا من أحاديث رويناها ووعيناها، وأمور رأيناها وشاهدناها، وفضائل تلقفناها من أفواه الرجال وسمعناها.
مخ ۲۹