وجود الله واجب، واللغوي على السقوط يقول وجبت جنوبها ويقول وجبت الشمس، فله بكل اعتبار حد آخر. والمطلب ألان مراد الفقهاء، وهذه الألفاظ لا نشك أنها لا تطلق على الجواهر بل على الأعراض، ومن الأعراض على الأفعال فقط، ومن الأفعال على أفعال المكلفين لا أفعال البهائم. فإذًا نظرك إلى أقسام الفعل لا من حيث كونه مقدورًا أو حادثًا أو معلومًا أو مكتسبًا أو مخترعًا، وله بحسب كل نسبة انقسامات، إذ عوارض الأفعال ولوازمها كثيرة فلا ننظر فيها، ولكن إطلاق هذا الاسم عليها من حيث نسبتها إلى خطاب الشرع يعلم أن الأفعال تنقسم إلى ما لا يتعلق بها خطاب الشرع كأفعال البهائم والمجانين والى ما يتعلق به، والذي يتعلق به ينقسم إلى ما تعلق به على وجه التخيير والتسوية بين الإِقدام عليه والإحجام عنه، ويسمّى مباحًا، وإلى ما رجّح فعله على تركه، وإلى ما رجّح تركه على فعله. والذي رجح فعله على تركه ينقسم إلى ما أشعر بأنه لا عقاب على تركه ويُسمى مندوبًا وإلى ما أشعر بأنه يعاقب على تركه في الدار الآخرة ويسمّى واجبًا. وربما اصطلح فريق على تخصيص الواجب بما علم ترجيحه على هذا الوجه قطعًا كالصلوات الخمس المكتوبة دون ما هو مخير فيه، وخصصوا ذاك باسم الفرض ولا حرج في هذا الاصطلاح، فإننا لا ننكر انقسام المرجّح بالعقاب إلى المعلوم والمظنون والاصطلاح مباح فلا مشاحة فيه. وأما المرجح تركه فينقسم إلى ما أشعر بأنه لا عقاب على فعله ويسقى مكروهًا، وقد تكرّر ما أشعر عليه بعقاب في الدنيا، كما قال ﵇ إما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإِمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار. وقوله من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومنّ إلا نفسه.
وإلى ما أشعر بعقاب في الآخرة على فعله وهو المسمّى محذورًا أو حرامًا أو
1 / 277