وقلت: إنك ربما غلطت في أمره لما يظهر لك من بره. ولو كنت تعرف الجليل من الرأي، والدقيق من المعنى، وكنت في مذاهبك فطنا نقابا، ولم تك في عيب من ظهر لك عيبه مرتابا، لاستغنيت بالرمز عن الإشارة، وبالإشارة عن الكلام، وبالسر عن الجهر، وبالخفض عن الرفع، وبالاختصار عن التطويل، وبالجمل عن التفصيل، وأرحتنا من طلب التحصيل ولكني أخاف عليك أن قلبك لصديقك غير مستقيم، وأن ضمير قلبك له غير سليم، وإن رفعت القذى عن لحيته، وسويت عليه ثوبه فوق مركبه، وقبلت صبيه بحضرته، ولبست له ثوب الاستكانة عند رؤيته، واغتفرت له الزلة، واستحسنت كل ما يقبح من جهته، وصدقته على كذبه، وأعنته على فجرته. فما هذا العناء! كأنك لم تقرأ المعوذة، ولم تسمع مخاطبته نبيه صلى الله عليه وسلم، في التقدمة إليه بالاستعاذة من شر حاسد إذا حسد.
مخ ۱۹