وَنَحْوٌ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ: «اللَّهُ أَكْبَرُ»، أَيْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ. وَكَذَلِكَ مَعْنَى «سُبْحَانَ» أَيْ كُلُّ صِفَةٍ دُونَ صِفَاتِهِ، وَبَعِيدٌ مِنْهُ غَيْرُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَأَمَّا قَوْلُ عِيسَى ﵇: ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ [المائدة: ١١٦] أَيْ سُبْحَانَكَ عَمَّا قَالَهُ هَؤُلَاءِ، حِينَ قَالُوا: إِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَهٌ، وَأَنَّهُ وَلَدٌ. ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيوُبِ﴾ [المائدة: ١١٦] أَيْ لَمْ أَقُلْهُ، وَلَوْ قُلْتُهُ لَكُنْتَ عَلِمْتَهُ، أَيْ لَمْ أَقُلْهُ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلِهُ: ﴿أَتًُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ أَيْ بِمَا لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَعَلِمَهُ، وَإِنَّمَا النَّفْيُ لِمَا قَالُوهُ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ: مَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا يَنْفِي الْكَوْنَ، أَيْ لَوْ كَانَ لَعَلِمَهُ، وَقَوْلُهُ: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦] أَيْ تَعْلَمُ مَا أُخْفِي وَلَا أَعْلَمُ مَا أَخْفَيْتَهُ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَّفَيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ﴾ [المائدة: ١١٧] وَقَدْ أَحْكَمْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ «الشِّهَادَاتِ»، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [
1 / 383