التقاء الحق والباطل (في ساحة المعركة) :
تقابل الزيدية وعلى رأسهم إمام الهدى الحسين بن علي الفخي (ع) ، مع العباسيين وعلى ميمنة العباسية محمد بن سليمان بن علي العباسي وعلى الميسرة موسى بن عيسى ، والعباس بن محمد في القلب ، وبينا الفريقان متقابلان ، إذ خرج محمد بن سليمان العباسي وسلم على الإمام الحسين (ع) ، وعرض عليه أمان ابن عمه الخليفة الهادي العباسي ، والتمكين والتيسير له في البلاد ، فما كان من الإمام (ع) إلا أن رد قائلا في كلام طويل منه : (( ... أتظن إنما خرجت في طلب الدنيا التي تعظمونها ، أو للرغبة فيما تعرضون علي من أموال المسلمين ؟! ، ليس ذلك كما تظن ، إنما خرجت غضبا لله ، ونصرة لدينه ، وطلبا للشهادة ، وأن يجعل مقامي هذا حجة على الأمة ، واقتديت في ذلك بأسلافي الماضين المجاهدين ، ولا حاجة لي في شيء مما عرض علي ، وأنا نافذ فيما خرجت له ، وماض على بصيرتي حتى ألحق ربي )) ، وفي هذا من الحسين (ع) تحديد لغرضه وغرض أسلافه من الخروج على دول الظلم والعدوان ، وأنه ليس كما تضمنته بعض التواريخ من الرغبة في انتزاع الملك وحسب ، بل طلبا منهم للإمامة الشرعية التي هي في منزلة خلافة ووراثة النبوة ، والتي لها أهداف ومهام الرسول (ص) من تطبيق الأحكام العادلة غير الجائرة والقسم بالسوية والعدل في الرعية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغيرها ، وكان أهل البيت (ع) على اختلاف فروعهم وأزمنتهم وأمكنتهم أحرص الناس على تطبيق هذا المبدأ قدر المستطاع ، واطلع على سيرهم تجد هذا حقا حقا ، وما سيرة الحسين الفخي (ع) إلا أنموذجا وضاء يشهد على صدق كلامنا .
مخ ۱