ويقول عقيب ذلك: يا عمراه يا عمراه، ويعرفه كيف يكيدنا, ومن أين يأتينا، فلما ولى عمر, وظهر أمرنا واستمر، دخلوا في الإمامة كما دخلت بنو أمية في النبوة، إما رغبة وإما رهبة، وكانوا كما قال الله تعالى: { لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون } . وقبلناهم عند ذلك وقلنا: لعل ما ظهر من ألسنتهم يبطن, وما قبح من بواطنهم يحسن، وكانوا مرة يسلقوننا بألسنة حداد، وتارة ينظروننا بأعين الحساد، وآونة يذكرون علينا قديم الأوتار والأحقاد، ويدلون على عوراتنا الأعداء والأضداد، ونحن في خلال ذلك ما غمص من كيدهم أوليناه اصطبارا، وما ظهر أوسعناه صفحا واغتفارا، ثم حلفوا لنا مرارا, وأكدوا البيعة أسفارا، ثم تركونا حتى نال العدو من أطرافنا ما نال، وآل ألا مر بنا إلى أضيق مآل ،ومالوا علينا يسرون حسوا في ارتغاء، ويحلبون شخبا في الأرض وشخبا في الوعاء، ثم صرحوا بالحرب, وبرزوا للطعن والضرب، ورجعوا عن القول بالإمامة, ونسوا مناقشة يوم القيامة.
قلنا: أما كنتم قبل الإمامة تؤمنون بالإشارات إلينا, وتعولون في الزعامة علينا، فما بالكم لما سطع قيامها, وخفقت أعلامها, انقلبتم على أعقابكم؟!وخالفتم كريم نصابكم؟!? ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ?.
مخ ۴