--- وبعد ذلك تأمرهم بتسليم حقوق الله تعالى من أموالهم على وجهها, من غير أن يخلوا شيئا, ومن غير أن تطلب منهم سوى ما يجب عليهم، وتعلمهم أن من سلم ما يجب عليه طايعة بذلك نفسه، استحق رضوان الله والسلامة من عقابه، ومن امتنع عليها أخذناها منه كرها، ? وكان ثوابها لنا وعقابها عليه ? كما ورد الكتاب الكريم والسنة الشريفة، هذا في واجبات الأموال وهو العشر مما أخرجت الأرض, من كل قليل وكثير, لا يعتبر في ذلك نصاب, ولا يراعى بلوغ قدر معلوم.
وزكاة المواشي وهي: البقر والغنم والإبل، إن كانت في ولايتك، والزكاة فيها معروفة لا تكون إلا بعد بلوغ النصاب، ولا يعتبر في ذلك أن يجمعها الماء ولا المرعى، فإن ذلك كان رأيا رأيناه، ثم رأينا بعد ذلك أنها لا تؤخذ إلا مما بلغ النصاب من هذه الأصناف.
وزكاة أموال التجارة تطالبهم بها، وهي لا تجب في السنة إلا مرة واحدة بعد أن يبلغ النصاب، والنصاب في الفضة مأ تبادرهم قفلة، وفي الذهب عشرون مثقالا, وفي ذلك ربع العشر بعد بلوغ هذا القدر المعروف، ومن امتنع عن ذلك أخذ منه ومثله, عقوبة في منع ما يجب عليه من حق الله تعالى، هذا في أموال التجارة, وفي أعشار الخارجات من الأرض.
ثم بعد ذلك تمنعهم من التظالم, والتهارج والفساد في الأرض، فمن ظلم غيره قمت مع المظلوم حتى يستوفي حقه, ويصل إلى غرضه، وحقرت الظالم وأدبته, إن تمادى في غيه وظلمه، حتى يرجع إلى الحق ذليلا حقيرا, على قدر خطيئته, وقدر ما فعل من الظلم.
ومن فعل معصية من معاصي الله مما يوجب الحد، سألت أهل المعرفة ممن هو في جهتك من أهل الثقة والأمانة والعلم بحكمه, فإن استحق الجلد جلدته، وإن استحق القطع قطعت يده بعد التبصر في أمره, بفتوى أهل الورع والثقة والعلم. وإن استحق القتل بالفساد في الأرض أيضا قتلته، فإن هذا حكم الله تعالى في المحاربين, وأهل المعاصي ذوات الحدود.
مخ ۳۸