238

مجموع الفتاوى

مجموع الفتاوى

خپرندوی

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

د خپرونکي ځای

السعودية

زِيَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَزِيَارَةٌ بِدْعِيَّةٌ.
فَالزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ يُقْصَدُ بِهَا السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَالدُّعَاءُ لَهُمْ كَمَا يُقْصَدُ الصَّلَاةُ عَلَى أَحَدِهِمْ إذَا مَاتَ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَهَذِهِ الزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَزُورَهَا كَزِيَارَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْبِدَعِ لِدُعَاءِ الْمَوْتَى وَطَلَبِ الْحَاجَاتِ مِنْهُمْ؛ أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِ أَحَدِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ؛ أَوْ أَنَّ الْإِقْسَامَ بِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَسُؤَالَهُ سُبْحَانَهُ بِهِمْ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ يَقْتَضِي إجَابَةَ الدُّعَاءِ فَمِثْلُ هَذِهِ الزِّيَارَةِ بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا. فَإِذَا كَانَ لَفْظُ " الزِّيَارَةِ " مُجْمَلًا يَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلًا عُدِلَ عَنْهُ إلَى لَفْظٍ. لَا لَبْسَ فِيهِ كَلَفْظِ " السَّلَامِ " عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى مَالِكٍ بِمَا رُوِيَ فِي زِيَارَةِ قَبْرِهِ أَوْ زِيَارَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ بَلْ مَوْضُوعَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِشَيْءِ مِنْهَا فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَالثَّابِتُ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ ﴿مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ﴾ هَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحِ وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَقَالَ قَبْرِي. وَهُوَ ﷺ حِينَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَكُنْ قَدْ قُبِرَ بَعْدُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ لَكَانَ نَصًّا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. وَلَكِنْ دُفِنَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ. ثُمَّ لَمَّا وُسِّعَ الْمَسْجِدُ فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ نَائِبُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ

1 / 236