مجموع الفتاوى

ابن تیمیه d. 728 AH
20

مجموع الفتاوى

مجموع الفتاوى

خپرندوی

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

د خپرونکي ځای

السعودية

وَقَالَ: فَصْلٌ: قَالَ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ فَقِيهَيْ الصَّحَابَةِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﴿ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ﴾ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَحْفُوظِ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ﴾ . فَقَدْ جَمَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ؛ إخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَلُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ وَقَوَاعِدَهُ وَتَجْمَعُ الْحُقُوقَ الَّتِي لِلَّهِ وَلِعِبَادِهِ، وَتَنْتَظِمُ مَصَالِحَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُقُوقَ قِسْمَانِ: حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِعِبَادِهِ، فَحَقُّ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَهُ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، كَمَا جَاءَ لَفْظُهُ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ؛ وَهَذَا مَعْنَى إخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ. وَحُقُوقُ الْعِبَادِ قِسْمَانِ: خَاصٌّ وَعَامٌّ؛ أَمَّا الْخَاصُّ فَمِثْلُ بِرِّ كُلِّ إنْسَانٍ وَالِدَيْهِ، وَحَقِّ زَوْجَتِهِ وَجَارِهِ؛ فَهَذِهِ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَخْلُو عَنْ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا خَاصَّةٌ فَرْدِيَّةٌ. وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْعَامَّةُ فَالنَّاسُ نَوْعَانِ: رُعَاةٌ وَرَعِيَّةٌ؛ فَحُقُوقُ الرُّعَاةِ مُنَاصَحَتُهُمْ؛ وَحُقُوقُ الرَّعِيَّةِ لُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ؛ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُمْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ

1 / 18