34

Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah

مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

حنبلي فقه

هذا اللفظ في الإنشاء، وأيضاً فإن الأصل أنه إنما يعلق بالمشيئة ما كان مستقبلاً، فأما الماضي والحاضر فلا يعلق بالمشيئة، والذين استثنوا لم يستثنوا في الإنشاء كما نقدم كيف وقد أمروا أن يقولوا (آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط) وقال تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) فأخبر أنهم آمنوا فوقع الإيمان منهم قطعاً بلا استثناء.

وعلى كل أحد أن يقول: آمنا بالله وما أنزل إلينا كما أمر الله بلا استثناء وهذا متفق عليه بين المسلمين ما استثنى أحد من السلف قط في مثل هذا، وإنما الكلام إذا أخبر عن نفسه بأنه مؤمن، كما يخبر عن نفسه بأنه بر تقي فيقول القائل له أنت مؤمن، هو عندهم كقوله: هل أنت بر تقي، فإذا قال أنا بر تقي فقد زكى نفسه، فيقول إن شاء الله وأرجو أن أكون كذلك، وذلك أن الإيمان التام يتعقبه قبول الله له وجزاؤه عليه وكتابة الملك له، فالاستثناء يعود إلى ذلك لا إلى ما عليه هو من نفسه وحصل واستقر، فإن هذا لا يصح تعليقه بالمشيئة، بل يقال هذا حاصل بمشيئة الله وفضله وإحسانه وقوله فيه إن شاء الله بمعنى إذ شاء الله، وذلك بتحقيق لا تعليق والرجل قد يقول والله ليكونن كذا إن شاء الله وهو جازم بأنه يكون، فالمعلق هو الفعل كقوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله) والله عالم بأنهم سيدخلونه، وقد يقول الآدمي لأفعلن كذا إن شاء الله وهو لا يجزم بأنه يقع لكن يرجوه، فيقول يكون إن شاء الله ثم عزمه عليه قد يكون جازماً ولكن لا يجزم بوقوع المعزوم عليه، وقد يكون العزم متردداً معلقاً بالمشيئة أيضاً، ولكن متى كان المعزوم عليه معلقاً لزم تعليق بقاء العزم فإنه

34