21

Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah

مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

حنبلي فقه

لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه، ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات، أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي التي هي أقوم، فيه نبأ من قبلهم، وخبر ما بعدهم، وحكم ما بينهم، هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، فلا يستطيع أن يزيغه إلى هواه ولا يحرف به لسانه، ولا يخلق عن كثرة الترداد، فإذا ردد مرة بعد مرة لم يخلق ولم يمل كغيره من الكلام، لا تنقضي عجائبه، ولا تشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم.

فكان القرآن هو الإمام الذي يقتدى به، ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا بذوق ووجد ومكاشفة، ولا قال قط قد تعارض في هذا العقل والنقل فضلاً عن أن يقول فيجب تقديم العقل والنقل يعني القرآن والحديث، وأقوال الصحابة والتابعين إما أن يفوض وإما أن يؤول، ولا فيهم من يقول إن له ذوقاً أو وجداً أو مخاطبة أو مكاشفة تخالف القرآن والحديث، فضلاً عن أن يدعي أحدهم أنه يأخذ من حيث يأخذ الملك الذي يأتي الرسول، وأنه يأخذ من ذلك المعدن علم التوحيد، والأنبياء كلهم يأخذون عن مشكاته، أو يقول الولي أفضل من النبي، ونحو ذلك من مقالات أهل الإلحاد، فإن هذه الأقوال لم تكن حدثت بعد في المسلمين. وإنما يعرف مثل هذه إما من ملاحدة

21