230

مع أنه لو صح النهي عن التحريق فهو مخصوص بخبر تحريق المتخلفين عن صلاة الجماعة ومن فعل مايربو على فعلهم من باب الأولى، وهذا مايبين لك إن كنت ذا نظر ثاقب أن في الصحاح ماليس بصحيح كما يعرف ذلك ذوو الاجتهاد والتحقيق لا أرباب المتابعة والتقليد، وقد انتقد الدار قطني على البخاري مائتي حديث، وصرح ابن حزم بوضع بعض أحاديث في البخاري ومسلم، وقد استوفيت البحث في هذا في كتاب لوامع الأنوار والله ولي التوفيق.

وقال في صفح (35): وأما لفظ الرافضة، فهذا اللفظ أول ماظهر في الإسلام لما خرج زيد بن علي بن الحسين في أوائل المائة الثانية في خلافة هشام بن عبدالملك واتبعه الشيعة فسئل عن أبي بكر وعمر فتولاهما وترحم عليهما، فرفضه قوم فقال: رفضتموني رفضتموني. فسموا الرافضة، فالرافضة تتولى أخاه أبا جعفر محمد بن علي، والزيدية يتولون زيدا وينسبون إليه، ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى زيدية ورافضة إمامية.. إلخ.

قلت: ولكنهم لما علموا أن بهذا تخرج الزيدية عن اسم الرفض نقلوه إلى معنى آخر ليعم الفريقين فقالوا: الرافضي من يفضل عليا على غيره كما صرح بذلك الذهبي تلميذ الشيخ ابن تيمية وابن حجر وغيرهما، بل جعل بعضهم تفضيل علي عليه السلام على عثمان أول درجة من الرفض، ولم يبال بكون ذلك خلاف الحقيقة وخلاف موضوع الرفض بإجماع الأمة، ولابكونه سيدخل فيه أعيان الصحابة الأبرار كعمار وسلمان وابن مسعود وخباب وأبي ذر والمقداد وجابر وغيرهم ممن نقل أهل الحديث وغيرهم أنهم كانوا يفضلونه.

قال ابن حجر في الجزء السابع من فتح الباري: روى البزار عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب رجاله موثقون. انتهى. وهذا يدل أن ذلك كان معلوما لديهم جميعا إذ قوله: كنا. يدل على ذلك، ويدل على أن ذلك من السنة، إذ أورده مورد الاحتجاج، والكلام على قول الصحابي: كنا وكانوا، معلوم في الأصول.

مخ ۲۱۲