مجمع الفوائد
مجمع الفوائد
ژانرونه
فأولا في خصوص محل النزاع محاكمة الوصي أمير المؤمنين، ومعلوم أنه الإمام قطعا عند الموالف والمخالف، والحال أن إمامته قطعية في تلك الحال، وكتاب الله كله له ولم يفعلها معاوية اللعين إلا خديعة ونشر المصاحف فبين أمير المؤمنين لأصحابه ذلك ولم يرد المحاكمة بل قبلها بشرط أن يحكم الحكمان بكتاب الله واشترط أن يكون الحكم مرضيا وهو عبدالله بن العباس جنب الخداع المكار فأبى الخوارج وقالوا: أبا موسى. وهو عدو الوصي الذي امتنع من بيعة أمير المؤمنين، وثبط أهل الكوفة من بيعته، وأكرهوه عليه، ثم بعد ذلك مرقت المارقة واعترضوا عليه أولا بأنه حكم الرجال ولاحكم إلا لله فاحتج عليهم عبدالله بن العباس رضي الله عنه وأمير المؤمنين عليه السلام بنفسه. وقالوا في الحجة على الخوارج: إن الله جل جلاله قد حكم الرجال في ربع دينار أوأربعة ونحوها من صيد البر للمحرم فقال: ((يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة)) وحكم الرجال في المرأة حيث قال: ((فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها)) فكان على مقتضى قول القاضي أحمد أن يقرر أمير المؤمنين قول الخوارج إنه لاحكم في الإمامة للرجال ولايحكم ويقول الوصي صدقتم، وإنما أكرهوني بل رد قولهم واحتج عليهم بأن التحكيم في هذا وغيره سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وإن كان الطالب لحكم الله والرجوع إلى كتاب الله عند الاختلاف محييا لسنة معاوية فيا سبحان الله، فالأخ الصفي قد أحيا بإنكار التحاكم سنة المارقين، والإمام المنصور بالله أحيا سنة جده أمير المؤمنين وسلفه من الأئمة السابقين: ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا)) [النور:51]، ((وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)) [الشورى:10] ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) [النساء:59] والرد إلى الله هو الرد إلى كتاب الله، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته صلى الله عليه وآله وسلم. وعموم (من شيء) أدخل القطعي والظني فما المخصص الشرعي كهذه المسألة، وقوله تعالى: ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)) [النساء:56]، وانظر إلى عموم قوله من شيء وما المخصص الشرعي، ولله در كتاب الله: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)) [الحجرات:9]، وهذا في محل النزاع والقسط العدل ماورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وروينا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((ستكون فتنة)) فقلت: يارسول الله فما المخرج منها؟ قال: ((كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم مابينكم والفصل ليس بالهزل من اتبع الهدى من غيره أضله الله وهو الحبل المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم وهو الذي لاتزيغ به الأهواء ولاتلتبس به الألسنة ولاتشبع منه العلماء ولايخلق على كثرة الرد ولاتنقضي عجائبه)) وفي رواية: ((من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار)).
مخ ۱۹۴