١٨٥- إلَيْكَ يُسَاقُ الْحَدِيثُ
زعموا أن رجلا أتى امرأةً يخطُبها، فأنعظ وهي تكلمه، فجعل كُلَّما كلمتْهُ ازداد إنعاظا، وجعل يستحي ممن حضرها من أهلها، فوضع يده على ذكره وقال: إلَيْكَ يُسَاقُ الحديثُ، فأرسلها مثلا. وقال ابن الكلبي: جَمَع عامر بن صَعْصَعَة بنيه ليُوصِيَهم عند موته، فمكث طويلًا لا يتكلم، فاستحثهُ بعضهم، فقال له: إليك يساق الحديث.
١٨٦- أنَا النذَّيِرُ الْعُرْيانُ قال ابن الكلبي: من حديث النذير العريان أن أبا دُوَاد الشاعرَ كان جارًا للْمُنْذر ابن ماء السماء، وأن أبا دُوَاد نازَع رجلا بالحِيرة من بَهْراء يقال له رقبة بن عامر، فقال له رقبة: صالحني وحالفني، قال أبو داود: فمن أين تعيش أبا داود؟ فوالله لولا ما تصيب من بَهْرَاء لهلكت، ثم افترقا على تلك الحالة، وإن أبا دُوَاد أخرج بَنِينَ له ثلاثةً في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو دُوَاد عند المنذر، وأخبرهم أن القوم وَلَدُ أبي دُوَاد، فخرجوا إلى الشام فقتلوهم وبعثوا برءوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرءوس صنَع طعامًا كثيرًا، ثم أتى المنذر فقال له: قد اصطنعت لك طعامًا فأنا أحب أن تَتَغَدّى، فأتاه المنذر وأبو دُوَاد معه، فبينا الجِفان تُرْفَع وتوضع إذ جاءت جَفْنة عليها أحد رؤس بني أبي دُوَاد، فقال أبو داود: أبَيْتَ اللَّعْنَ إني جارُكَ وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة جارا للمنذر، قال فوقعَ المنذر منهما في سوأة، وأمر برقبة فحبس، وقال لأبي دُوَاد: ما يرضيك؟ قال: أن تبعث بكتيبتيك الشَّهْباء والدَّوْسَر إليهم، فقال له المنذر: قد فعلْتُ، فوجَّه إليهم الكتيبتين، قال: فلما رأى ذلك رقبة مِنْ صُنْع المنذر قال لامرأته: الْحَقِي بقومك فأنذريهم، فعمدت إلى بعض إبل البَهْرَاني فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرّفت، ثم قالت: أنا النَّذِيرُ العُرْيَان، فأرسلتها مثلا، وعرف القومُ ما تريد، فَصَعدوا إلى علياء الشام، وأفبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحدا، فقال المنذر لأبي دواد: قد رأيتَ ما كان منهم، أفيُسْكِتك عني أن أعطيك بكل رأس مائتي بعير؟ قال: نعم، فأعطاه ذلك، وفيه يقول قيس بن زهير العبسي: سأفْعَلُ مَا َبَدا لِيَ ثُمَّ آوِي ... إلى جارٍ كَجَارِ أبِي دُوَاد وقال غيره: إنما قالوا "النذير العريان" لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فَجَأتْهم وأراد إنذار قومه تجرَّد من ثيابه وأشار بها ليعلم أنه ⦗٤٩⦘ قد فجأهم أمر، ثم صار مثلًا لكل أمر تُخَاف مفاجأته، ولكل أمر لا شبهة فيه.
١٨٦- أنَا النذَّيِرُ الْعُرْيانُ قال ابن الكلبي: من حديث النذير العريان أن أبا دُوَاد الشاعرَ كان جارًا للْمُنْذر ابن ماء السماء، وأن أبا دُوَاد نازَع رجلا بالحِيرة من بَهْراء يقال له رقبة بن عامر، فقال له رقبة: صالحني وحالفني، قال أبو داود: فمن أين تعيش أبا داود؟ فوالله لولا ما تصيب من بَهْرَاء لهلكت، ثم افترقا على تلك الحالة، وإن أبا دُوَاد أخرج بَنِينَ له ثلاثةً في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو دُوَاد عند المنذر، وأخبرهم أن القوم وَلَدُ أبي دُوَاد، فخرجوا إلى الشام فقتلوهم وبعثوا برءوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرءوس صنَع طعامًا كثيرًا، ثم أتى المنذر فقال له: قد اصطنعت لك طعامًا فأنا أحب أن تَتَغَدّى، فأتاه المنذر وأبو دُوَاد معه، فبينا الجِفان تُرْفَع وتوضع إذ جاءت جَفْنة عليها أحد رؤس بني أبي دُوَاد، فقال أبو داود: أبَيْتَ اللَّعْنَ إني جارُكَ وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة جارا للمنذر، قال فوقعَ المنذر منهما في سوأة، وأمر برقبة فحبس، وقال لأبي دُوَاد: ما يرضيك؟ قال: أن تبعث بكتيبتيك الشَّهْباء والدَّوْسَر إليهم، فقال له المنذر: قد فعلْتُ، فوجَّه إليهم الكتيبتين، قال: فلما رأى ذلك رقبة مِنْ صُنْع المنذر قال لامرأته: الْحَقِي بقومك فأنذريهم، فعمدت إلى بعض إبل البَهْرَاني فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرّفت، ثم قالت: أنا النَّذِيرُ العُرْيَان، فأرسلتها مثلا، وعرف القومُ ما تريد، فَصَعدوا إلى علياء الشام، وأفبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحدا، فقال المنذر لأبي دواد: قد رأيتَ ما كان منهم، أفيُسْكِتك عني أن أعطيك بكل رأس مائتي بعير؟ قال: نعم، فأعطاه ذلك، وفيه يقول قيس بن زهير العبسي: سأفْعَلُ مَا َبَدا لِيَ ثُمَّ آوِي ... إلى جارٍ كَجَارِ أبِي دُوَاد وقال غيره: إنما قالوا "النذير العريان" لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فَجَأتْهم وأراد إنذار قومه تجرَّد من ثيابه وأشار بها ليعلم أنه ⦗٤٩⦘ قد فجأهم أمر، ثم صار مثلًا لكل أمر تُخَاف مفاجأته، ولكل أمر لا شبهة فيه.
1 / 48