============================================================
لا يخذل الله عز وجل من كان في مثل حالكم .
ولم يزل يطيب قلوبهم ويشرهم إلى أن قرب الفجر، فلما طلع الفجر. . نودي بصلاة الفجر، وصلى بالناس، فلما قضى الصلاة. جثا على ركبتيه وجثا الناس، ونصب في الدعاء، ورفع يديه ورفع الناس مثله ، ولم يزالوا في الدعاء إلى أن طلعت الشمس، وهو يجتهد في الدعاء، والناس ينظرون إلى سراب الشمس يلمع مرة بعد أخرى، وهو يجتهد في الدعاء ، فلما بلغ الثالثة وإذا بغدير عظيم من الماء قد خلقه الله عز وجل إلى جانبهم ، ففرح الناس وأقبلوا يهرولون إليه، وشربوا واغتسلوا ، فما تعالى التهار حتى أقبلت الإبل بما عليها من كل فج ، ولم يفقدوا من أمتعتهم شيئا ، فسقوا الابل عللا بعد نهل (1) .
ثم إن العلاء سار بالجيش، فلما اقترب من جيوش المرتدين وكانوا قد حشدوا وجمعوا.. نزل العلاء بجيشه، ونزل المرتدون، وباتوا متجاورين في المنازل، فبينما المسلمون في الليل! إذ سمع العلاء اصواتا عالية من جيش المرتدين ، فقال : من رجل يكشف لنا خبر هلؤلاء القوم ؟ فقام رجل يقال له: عبد الله بن حدق، فدخل إليهم، فوجدهم سكاري لا يعقلون من الخمر، فرجع إليه، فأخبره، فركب العلاء من فوره هو والجيش، فكبسوا المرتدين، وقتلوا منهم خلقا كثيرا حتى قل من هرب منهم ، واستولى العلاء على جميع أموالهم وحواصلهم وأثقالهم، فكانت غنيمة عظيمة جسيمة وكان الحطم بن ضبيعة أخو بني قيس بن ثعلبة من كبار المرتدين، فقام دهشا حين اقتحم المسلمون عليهم، فركب جواده، فانقطع ركابه، فجعل يقول: من يصلح لي ركابي؟
فجاءه رجل من المسلمين، فقال : أنا أصلحها لك، ارفع رجلك، فلا رفع رجله..
ضربه بالسيف فقطعها، فوقع صريعا، فقال له : اجهز علي، قال : لا أفعل، وجعل كلما مر به أحد.. يسأله أن يجهز عليه، فيابى عليه، إلى آن مر به قيس بن عاصم، فقال له: أنا الحطم بن ضبيعة، فاقتلني، فقتله، فلما رآى رجله مقطوعة.. ندم على قتله، وقال : واسوأتاه، لو أعلم أن رجله مقطوعة.. لما أجهزت عليه ثم ركب المسلمون في آثار المنهزمين يقتلونهم بكل مرصد وطريق، وذهب من فر من المرتدين في البحر إلى دارين(2)، وأسر المسلمون عفيف بن المنذر بن النعمان : (1) العلل : الشرب للمرة الثانية التهل : الشرب ابتداء .
(2) فرضة في البحر كان يجلب إليه العطر من الهند .
مخ ۱۴۵