إن قانون حصر الآثار القديمة لا يتكفل لنا أبدًا بحفظها في محلها ولا في محل آخر خاص بها. وهي طامة كبرى لا يعرف عقباها الوخيمة إلا من يقدر التحف حق قدرها. وإننا لا نظن مثلًا أن المتحفة الشاهانية تعنى باتخاذ الوسائط اللازمة والناس المهرة لنزع ما على جدران وحيطان سامراء من المزينات والمزوقات والمحسنات البنائية وجعلها في صناديق ونقلها إلى الآستانة، لأنه قبل أن يخطر لها هذا الخاطر تسبقهم الأمطار والأرياح وسائر عوامل الجو إلى إيقاع الأضرار بهذه الكنوز الصناعية فضلًا عن وصول أيدي تجار العاديات إليها فتبعث بها ولا تبقى ولا تذر، وتنزع ما هنالك من عجب التصاوير والنقوش حتى لا تبقى لها أدنى اثر.
نعم قد عني محبو الآثار في ديار مصر بحفظ ما يجدونه فيها وقد اخذوا جميع الوسائط اللازمة للانتفاع بما يكتشفونه. وربما كانت تلك الوسائط تضاهي الوسائط المتخذة في بلاد الافرنج، بل ولعلها تفوقها بكثير لحداثتها ووفائها بالغرض على احسن وجه، لكن أين بلادنا من ديار مصر. ومع هذا فان القانون هناك يبيح مقاسمة الآثار بين الحكومة وبين الناقب، كما تحبير له نقل الآثار العاديات إلى بلاده. فهذا أيضًا مثال يحتذي عليه ويتبع لحفظ هذه الآثار من التلف والفساد والاضمحلال أو أن أحسنت ظنًا: من الضياع والانتشار فرادى مبثوثة على غير جدوى. ونحن نستحسن هذه الطريقة، ولا سيما إذا كانت تلك العاديات مزدوجة المثال، فان الناقب يحرص عليها اكثر من حرصه