عظامها من سوس الأباطيل والأضاليل. وكلفت نفسها بأن تقوم بإرشاد الأمة وهديها وإذا اندس أحد أفرادها بالمجتمعات العمومية المشتملة على السذج البسطاء الذين لا يفوقون (الغث والعث) (والطين والعجين) تراه كالأرقم ينفث من سموم الخرافات والخزعبلات في أفكارهم ما يخلب عقولهم السخيفة ويأخذ بمجامع قلوبهم الضعيفة.
وترى جل ما يلقيه عليهم ويخدش به افكارهم هو ما جمعته مخيلته وتكبدت حفظه من الوقائع والحوادث التي هي أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة فتلك الفئة التي هي أحوج لإرشاد نفسها لا ينبغي قياسها على ما هنالك من العلماء الإعلام الذين صرفوا جل أوقاتهم في بيان حقيقة الدين الإسلامي وهم لا يرضون بمثل هذه الفوضى للإسلام والوصمة الشنعاء له ولمعتنقيه ودائمًا يبثون روح الدين الحقيقي والعلم الصحيح في نفوس الأمة الإسلامية، ويظهرون مجد تاريخها وعظيم، رجالها (أكثر الله من أمثالهم).
هذا وأني لا أنكر بأن هناك فئة أخرى قد شربت عقولهم حب الفلسفة العاطلة. والشقشقة الكاذبة، وقد درسوا شيئًا من تاريخ الطبيعة والعلوم النظرية، وخرجوا من المدارس وهم يديتون بدين أرسطو وجالينوس، ومتشيعون لمذهب فيثاغورس، وارشميدس، وقد تصفحوا نتفًا من فلسفة ابن رشد وابن سينا فعظمت نفوسهم وانتفخت أدمغتهم فنزعوا ربقة الدين من أعناقهم، وعدوا مسائلة ضربًا من الهذبان فوا ذهاب الرشد (وضيعة الأحلام). . أنا لا ننكر عليك إيتها الناشئة إطلاعك على العلوم الطبيعة ودرسك الفلسفة الحقيقة لأنا نعلم أنها مصدر حياتنا المادية، ولكن ننكر عليك درسك مذهب قدماء اليونان إذ لك بالقرآن غنى عن مثل تلك الشعوذات والخيالات. تدرسين تاريخ رجال الغرب وحياتهم وتتركين تاريخ الإسلام ورجاله الذين لهم ذكر مخلد في أعلى طبقات مكاتب الغربيين فأحرى بك أن تعلمين مقدار تفانيهم في حب الدين وانتشاره، وتنظرين عظمة نفوسهم وسعة علومهم ومعارفهم (وفقنا الله لاتباع أسلافنا، والتأسي بأخلاقهم وأفعالهم).
3 / 10