مجالس وعظیه
المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري
ایډیټر
أحمد فتحي عبد الرحمن
خپرندوی
دار الكتب العلمية
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
ژانرونه
معاصر
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
قوله: «عن عبد الله بن عمرو ﵄» هذا هو الزاهد العابد الصحابي أبي عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، كنيته أبو محمد على الأصح، أسلم قبل أبيه، وكان بينه وبين أبيه في السن اثنتا عشر سنة، وقيل: إحدى عشر سنة، قالوا: ولا نعرف أحدًا بينه وبين هذا القدر غيره، وكان غريزًا في العلم مجتهدًا في العبادة وكان أكثر حديثًا من أبي هريرة لأنه كان يكتب، وأبو هريرة لا يكتب، ومع ذلك فالذي روى له قليل بالنسبة إلى ما رواه أبو هريرة.
روى عن رسول الله ﷺ سبعمائه حديث، اتفقا منهما على سبعة عشر وانفرد البخاري بثمانية، ومسلم بعشرين، وكان ﵁ أحمر عظيم البطن، وعمي في آخر عمره، واختلفوا في أي مكان توفى، فقيل: بمكة، وقيل: بالطائف وقيل: بمصر في شهر ذي الحجة سنة خمس وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين عن ستين وسبعين سنة
«عن النبي ﷺ» اشتمل هذا الحديث على جملتين الأولى قوله: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» واختلف العلماء في معنى هذه الجملة فقيل: معناها المسلم الكامل من سلم المسلمون من لسانه ويده، فتكون الألف واللام في المسلم للكمال نحو زيد الرجل الكامل في الرجولة، فإن إثبات الشيء للشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم، فقد صرح سيبوية بأن الجنس إذا أطلق محمولًا على الكامل ويسقط ما استشكل منه إذا المفهوم من الحديث: أن من لم يسلم المسلمون من لسانه لا يكون مسلمًا، نعم يخرج عن الإسلام الكامل إذا لم يسلم المسلمون من لسانه ويده، ولم يخرج عن أصل الإسلام.
وقيل: معنى الحديث والمراد به الإشارة إلى حسن معاملة العبد ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فالأولى أن يحسن معاملة ربه من باب التثنية بالأدنى على الأعلى.
فإن قيل: إن قوله: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» يقتضي ويفهم أنه لا يحب الكف عن الكفار في تحصيل الإسلام الكامل بل يحصل له الإسلام الكامل إن لم يكف لسانه ويده عنهم وليس كذلك.
والجواب: أن هذا الحديث خرج مخرج الغالب أن يكف مفهوم له، وخص المسلمون بالذكر لأجل أنه يتأكد على المسلم أن يكف الأذى عن أخيه المسلم، لا لأجل أنه لا يجب الكف عن الكافر.
1 / 371