181

مجالس وعظیه

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري

پوهندوی

أحمد فتحي عبد الرحمن

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

معاصر
الخلوة عون الإنسان على تعبده وصلاحه. ومنها: أن فيه دلالة على مشروعيه الزاد لدخول الخلوة إذ يحصل بسببه إظهار وصف العبودية، ويحصل بتركه العجب والادعاء، ولهذا كان بعض أهل الطريق إذا دخل لخلوته أخذ رغيفًا وألقاها تحت وسادته وواصل أيامًا. حكى الكمال الدميري في «المهر» من حياة الحيوان عن أبي عبد الله محمد بن حسان البسري أنه كان إذا جاء رمضان دخل بيتًا وقال لامرأته: غلقي على الباب وألقي على كل ليلة من الكوة رغيفًا، فإذا كان يوم العيد فتحت الباب، ودخلت فوجدت الثلاتين رغيفًا في زاوية البيت، فلا يأكل ولا يشرب ولا ينام ﵁. وحكي من كراماته أنه كان في غزوة في فلاة من الأرض، فمات مهرة الذي كان يركبه فقال: اللهم أعرنا إياه فقام المهر فلما وصل بيته أخذ السرج عنه فسقط ميتًا، وهو منسوب إلى بصرى قرية الشام فأبدلت الصاد سينا. وفي اتخاذ الزاد في الخلوة فائدة أخرى وهي قطع تشوف النفس وقلقها اتخاذه لينافي التوكل فقد اتخذه سيد المتوكلين ﷺ. ومنها: أن فيه دليلًا على أن الإنسان إذا خرج لتعبده أن يعلم أهله لأنه معرض للآفات. ومنها: أن فيه دلالة وإشارة إلى التسلي والصبر عند الحوادث، والوعد بالنصر كما في خلقه من علقه ثم طوره وإخرجه إلى الوجود. ومنها: أن فيه دلالة على جواز تأديب المعلم للمتعلم، وأن كتاب الله لا يؤخذ بقوة لأن جبريل ضمه ﵊ إليه لتلقي ما يلقى عليه من القرآن بقوة، قال الله تعالى ليحيى؟يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ؟ [مريم: ١٢] . ومنها: أن فيه دلالة لما يقول الصوفية من أن التحلي لا يكون إلا بعد التخلي فيتخلى أولًا عن القبائح والرذائل، ثم يتحلى بالخصال الحميدة. وفيه دلالة على أن التحلي قسمان: مكتسب، وفيض من الرب ﷻ، وقد جمعا له ﵊ بالتحنث والغط، وقد يجتمعان لأفراد من أمته وقد ينفرد بعض بالكسب وبعض بالفيض، كالفضيل بن عياض وابن أدهم وكثيرًا ما هم. ومنها: أنه يدل على أن الفكر أفضل الأعمال ولهذا ورد «تفكر ساعة خير من

1 / 227