175

مجالس وعظیه

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري

پوهندوی

أحمد فتحي عبد الرحمن

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

معاصر
صار يكتب الإنجيل إن شاء بالعربية، وإن شاء بالعبرانية. قال ابن الملقن: فيه دليل على جواز ذكر العاهة بالشخص ولا يكون ذلك غيبة. «فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك» وفي رواية «يا عم» (١) . قال الكرماني: وكلاهما صحيح فإن ورقه كان ابن عم خديجة حقيقة كما في رواية البخاري، وسمته عمها كما في رواية مسلم مجازًا للاحترام، وهذا عادة العرب يخاطب الصغير الكبير بقوله له يا عم احترامًا له ورفعًا لمرتبته. وقول خديجة لورقة «اسمع من ابن أخيك» يقضي أن ورقة كان عمًا لرسول الله ﷺ مع أنه ليس من أعمامه لكن أولو ذلك بأنها جعلته عمًا له ﷺ احترامًا له واستعطافًا على سبيل المجاز، وقيل غير ذلك. «فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى فقال له ورقة: هذا الناموس» اتفق على أن جبريل يسمي الناموس، وعلى أنه المراد في هذا الحديث، ومعنى الناموس في اللغة: صاحب سر الخير، والجاسوس: صاحب سر الشر، سمي جبريل بذلك لأنه تعالى خصه بالغيب والوحي الذي يطلع عليه غيره، وإنما قال ورقة هذا الناموس الذي أنزل الله موسى، ولم يقل على عيسى مع أنه الأقرب وورقة قد تنصر وكتب الإنجيل، لأن موسى متفق عليه على رسالته بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فإن بعض اليهود ينكرون نبوته، أو لأن النصارى يتبعون أحكام التوارة

(١) قال ابن حجر في الفتح (١/٧٧): قولها: «يا ابن عم» هذا النداء على حقيقته، ووقع في مسلم «يا عم» وهو وهم، لأنه وإن كان صحيحًا لجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد، فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين، فتعين الحمل على الحقيقة، وإنما جوزنا ذلك فيما مضى في العبراني والعربي لأنه من كلام الراوي في وصف ورقة، واختلفت المخارج فأمكن التعداد، وهذا الحكم يطرد في جميع ما أشبهه. وقالت في حق النبي ﷺ: «اسمع من ابن أخيك» لأن والده عبد الله بن عبد المطلب وورقة في عدد النسب إلى قصي بن كلاب الذي يجتمعان فيه سواء، فكان من هذه الحيثية في درجة إخوته. أو قالته على سبيل التوقير لسنه، وفيه إرشاد إلى أن صاحب الحاجة يقدم بين يديه من يعرف بقدره ممن يكون أقرب منه إلى المسؤول، وذلك مستفاد من قول خديجة لورقة: «اسمع من ابن أخيك» أرادت بذلك أن يتأهب لسماع كلام النبي ﷺ وذلك أبلغ في التعليم. قوله: «ماذا ترى؟» فيه حذف يدل عليه سياق الكلام، وقد صرح به في دلائل النبوة لأبي نعيم بسند حسن إلى عبد الله بن شداد في هذه القصة قال: فأتت به ورقة ابن عمها، فأخبرته بالذي رأى.

1 / 221